بعد غياب دام سنوات، تعود فرقة كركلا للرقص المسرحي لتطل على جمهورها الباريسي، عبر عرضين لمسرحية «زايد والحلم»، تقدمهما على خشبة «لوباليه دي كونفريه» في 8 و9 أيار (مايو) الجاري. وتجسد المسرحية التطور الذي واكبته الفرقة التي لم تتوقف عن الرقص في أكبر وأهم مسارح العالم حتى في أحلك أيام الحرب الأهلية، ناقلة عن لبنان صورة زهو وإبداع. ولعل من بين هذه التطورات انضمام عضوين جديدين من أسرة كركلا الى المؤسس عبدالحليم كركلا، هما ابنته أليسار التي تتولى تصميم الرقصات وابنه ايفان الذي يجمع بين الإخراج والديكور والسيناريو والإضاءة. وبتوجيه من الوالد والمؤسس تعمل أليسار وإيفان المتخرجين من كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة الأميركية على ضمان استمرارية اللغة الجديدة للمسرح الراقص التي ابتكرها عبدالحليم كركلا وتستند الى العلم والتقنية المعاصرة والتراث. وعما آلت اليه أحوال الفرقة، في عهدته وشقيقته، يقول ايفان الذي التقته «الحياة» في باريس، ان الفرقة نمت وتغيرت على مستوات عدة، وارتقت الى مستوى المؤسسة سواء من الناحية الفنية أو من ناحية تحضير أعمالها. ولكل زمن، برأي ايفان فنه، ولا يمكن اليوم تقديم عمل كان يقدم منذ عشر سنوات لا من الناحية التقنية ولا من ناحية المضمون الذي يترقبه الجمهور. والفرقة تطورت من حيث أدائها وتقنيتها بحيث باتت تتعاون مع جمع كبير من الفنانين العرب المشهورين، وأيضاً مع فنانين عالميين لهم دور مباشر في تحديد شكل الفن المعاصر. والتركيز منصب على حد قول ايفان على الفرقة المكونة من 35 راقصاً وراقصة من المحترفين المتفرغين للرقص ستة ايام في الأسبوع، وأيضاً على مدرسة كركلا للرقص التي تضم حوالى 900 تلميذ من أعمار وأوساط مختلفة. وتكمن أهمية المدرسة، في كونها تتولى اعداد جيل جديد ينشأ مع الفرقة ومع نمطها الفني، على رغم ضيق أفق الاحتراف. ويأسف ايفان لانحسار هذا الأفق الذي يعتبر ان مرده الى أن الفكرة عن الرقص في لبنان مختلفة عما هي عليه في أوروبا، حيث يلتحق العديد من الأولاد بمدارس الرقص بدافع الاحتراف، لكن هذا غير شائع في بلدنا. وعن اختيار مواضيع المسرحيات المختلفة التي تقدمها الفرقة، يقول ايفان إنه يتعاون في ذلك مع والده عبدالحليم ولكنه يشير الى أن المواضيع هي التي تختارنا في بعض الأحيان. وهذا ما حصل مع مسرحية «زايد والحلم»، حيث رغبت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بإنجاز عمل مسرحي حول سيرة الشيخ زايد واختارت فرقة كركلا المسرحية للقيام بهذا العمل. والمسرحية التي أنجزت منذ سنة ونصف تقريباً وعرضت حتى الآن في دول عدة، منذ أن افتتحت في أبوظبي، مستوحاة وفقاً لإيفان من حياة مؤسس دولة الإمارات ومن بيئته ومن الهوية العربية والصحراوية. ولإعداد هذا العمل وتطويره الى موضوع مسرحي يكون بمتناول الجمهور سواء كان عربياً أم أجنبياً، كان لا بد من أبحاث استغرقت شهوراً عدة، للوقوف على الجانب التاريخي وليس السياسي للشيخ زايد، ولإبراز موقعه كأب للإمارات والأبعاد الانسانية لشخصيته. والملف في سيرة الشيخ زايد، بنظر ايفان هو تحقيقه للحلم الذي نشأ عليه، فوحد بلده وأسس دولة وطور فيها أجواء ثقافية ملفتة. وهذا ما سيتسنى مشاهدته في باريس خلال عرض المسرحية المكونة من 15 مشهداً موزعة على فصلين، ويشارك فيها الفنان عاصي الحلاني كضيف شرف، وينضم الى راقصي فرقة كركلا في المشهد الأخير فرقة من الصين وأخرى من أوكرانيا اضافة الى فرقة تمثل التراث الإماراتي. ويمثل هذا المشهد ذروة المسرحية، حيث ينتشر حوالى 140 راقصاً وراقصة من الجنسيات المختلفة، للرقص في آن معاً على موسيقى واحدة، في ما يصفه ايفان بتحية لموقع الإمارات كمنارة ثقافية في المنطقة.