قال وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والأسرة في موريتانيا، إن الإحصائيات أثبتت أن أكثر من 72% من النساء الموريتانيات تعرضن في مراحل مبكرة من حياتهن للختان، وأضاف خلال كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح ندوة حول مخاطر ختان البنات (الخفاض) في نواكشوط، أن وزارته تسعى بالتعاون مع الشركاء في التنمية وهيئات المجتمع المدني إلى اجتثاث هذه الظاهرة من المجتمع الموريتاني، وذلك من خلال تنظيم سلسلة من الأنشطة حول خطورتها، وأكد أن الحكومة استصدرت موقفا طبيا موحدا بشأن مخاطر ظاهرة الخفاض ، وفتاوى من كبار العلماء في البلد، كما صادقت على استراتيجية وطنية تستمر لمدة ثلاث سنوات، تهدف إلى تشجيع السكان على الإقلاع عن ظاهرة ختان بناتهن، وذلك بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للسكان (اليونسيف). ويأتي انطلاق هذه الندوة في موريتانيا بمشاركة خبراء طبيين واجتماعيين وعلماء دين، في إطار الجهود التي تبذلها السلطات الموريتانية من أجل القضاء على ظاهرة ختان البنات المنتشرة في البلاد بشكل كبير، والتي سبق وأن أعلنت الحكومة عزمها المضي قدما في الحرب عليها، عبر استصدار قانون يجرم هذه الظاهرة ويعاقب مرتكبيها. وقد شهدت الندوة التي نظمت تحت إشراف الحكومة الموريتانية بالتعاون مع رابطة العلماء الموريتانيين ومنظمات المجتمع المدني التي تنشط في مجال حقوق المرأة، نقاشا فقهيا وطبيا واجتماعيا ساخنا حول الظاهرة ونتائجها السيئة على صحة المرأة وعلى المجتمع بصفة عامة، وقال مشاركون في الندوة إنها شهدت هذه المرة تراجعا كبيرا في حدة بعض الأصوات التي كانت تدافع في السابق عن ختان البنات وتعتبره واجبا شرعيا، يدعو إليه الدين الإسلامي، خصوصا في مواجهة الأدلة الدامغة التي تقدم بها الأطباء ونشطاء المجتمع المدني على خطورة الختان على صحة البنت ومستقبلها، ويؤازرهم في هذا الرأي بعض الفقهاء وعلماء الدين. بينما لا يزال بعض الزعماء الروحيين التقليديين والعلماء المحافظين، يرون في الجدل المثار حول الظاهرة محاولة من الغرب للتدخل في شؤون المسلمين و"تحريف عاداتهم لصالح المسخ الحضاري ونشر الثقافة الغربية"، وأن محاولة منع هذه الظاهرة إنما يعني التسليم بالمفاهيم الغربية لحقوق المرأة على حساب "المفاهيم الإسلامية"، وجزءا لا يتجزأ من "الحرب الصليبية على الإسلام والمسلمين"، ويؤكدون أن ختان البنت أضمن لطهارتها وعفتها، وصون عرضها وشرفها. - حسب رأيهم - وتحتل موريتانيا عالميا المرتبة الثامنة من حيث انتشار ظاهرة ختان البنات، ومع استمرار انتشار الظاهرة لم تكتف السلطات بالحملات الطبية والقانونية للتصدي لها، نظرا لرسوخ القناعة بصحتها لدى المجتمع الموريتاني المحافظ، فلجأت إلى العلماء لاستصدار فتاوى تحرم الظاهرة، كما حرمتها قانونيا، وقد أصدر عشرات من العلماء والفقهاء يتقدمهم رئيس "رابطة علماء موريتانيا" الشيخ حمدا ولد التاه، فتوى بتحريم ختان البنات، مؤسسين في ذلك على الأضرار الصحية والنفسية التي أكد الأطباء أنها قد تنجم عن مثل هذه الممارسات، كما صدرت فتوى مماثلة عن تجمع للفقهاء يعرف باسم "تكتل الأئمة والعلماء المدافعين عن حقوق الطفل"، تحرم ختان البنات، وتصنفه "عملا مخالفا للشرع الإسلامي"،