في عام 1980م شهدت أسعار العقار في المملكة ارتفاعات غير مسبوقة، تخطى سعر المتر المربع للأراضي السكنية حاجز الألف ريال في مدن المملكة الرئيسة، وتجاوزت قيمة إيجار الشقق السكنية 30 ألف ريال، ولم تقتصر فقاعة العقار الأولى على الأراضي السكنية بل امتدت لتشمل المناطق الزراعية في كافة مدن المملكة. لعبت الطفرة الأولى التي شهدها الاقتصاد الوطني (1973-1980) دوراً رئيساً في خلق فقاعة العقار الأولى، فقد أدى ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي وزيادة السيولة إلى ارتفاع معدلات التضخم بنسب تاريخية وصلت إلى 30٪، كما ساهم في خلق الفقاعة قروض صندوق التنمية العقارية، والتغيرات الاجتماعية التي أدت إلى استقلالية الأسر الصغيرة عن بيت العائلة الكبير. مؤشرات على تكون فقاعة جديدة أدى ارتفاع معدل التضخم في السنوات الثلاث الماضية وتسارع معدل نمو الطلب على الوحدات السكنية إلى ارتفاع تكاليف الإيجار، لكن معدل الزيادة في تكاليف الإيجار أعلى بكثير من معدل النمو السكاني. من جانب آخر، يلاحظ أن معدل الزيادة في أسعار القطع السكنية أعلى من معدل الزيادة في تكاليف الإيجار، وفي ذلك دلالة على نشاط عمليات المضاربة في السوق العقارية. كما أن وتيرة الزيادة في أسعار القطع السكنية في تسارع مستمر في مدن المملكة الرئيسة. ويرجح أن يمتد نشاط المضاربة على القطاع السكني إلى بقية مدن المملكة خلال العامين القادمين، ويعزز من هذا التوقع قرب صدور المنظومة المالية (نظام التمويل العقاري، ونظام مراقبة شركات التمويل، ونظام الإيجار التمويلي، ونظام الرهن العقاري، ونظام قضاء التنفيذ) التي ستساهم في تماسك أسعار العقار خلال الخمس سنوات القادمة. هل ستنهار أسعار القطاع السكنية؟ تتجاوز أسعار القطاع السكني الحالية في المدن الرئيسة قدرات متوسطي الدخل، لكن ذلك غير كافٍ من الناحية الاقتصادية لنشوء عملية تصحيحية في أسعار القطاع السكنية، بل لا بد من تحليل العلاقة بين أسعار القطاع السكنية ومعدل العائد على استثمارها. والأسعار الحالية لمعظم القطاع السكنية تعطي معدل عائد يتجاوز 10٪، لذا لن يحدث انهيار أو أي عملية تصحيحية في أسعار القطع السكنية حتى تعطي عوائد أقل من 8٪. لكن احتمالات ظهور عملية تصحيحية في السوق العقارية ستزيد مع استمرار وتيرة النمو في أسعار القطاع السكنية. فالمدن الرئيسة في المملكة تقترب أكثر إلى النقطة التي تصبح فيها تكاليف الإيجار أقل من تكاليف التملك، وهذا هو الحال في بعض المدن العالمية مثل مدينة طوكيو، وواشنطن، ونيويورك، وسياتل وغيرها. * مستشار اقتصادي