إن ما قدمته الدكتورة خوله الكريع من نموذج للتفوق العلمي بمستواه العالي لا يمثل سوى حالة خاصة جداً قلما تتكرر في مجتمعنا السعودي. فنجاحات المرأة السعودية في مختلف الميادين يتوقف على مواجهة ظروف ومناخات اجتماعية صعبة ومعقدة، لا يستطيع خوض غمارها إلا من اتخذ قرار المغامرة في معارك غير مضمونة النتائج، كما أن قلة الفرص العلمية والعملية والبيئة الاجتماعية التقليدية تحد من ظهور أكثر من عالمة ومتخصصة ومبدعة في جميع المجالات؛ مهما كانت الرعاية الحكومية المتمثلة في التكريم ومنح الأوسمة العالية الدرجات لمن تحقق لها التفوق والنجاح. وعلى الرغم من أننا نملك القناعة الكاملة بأن تكريم الدكتورة خولة يعني تكريم المرأة السعودية بشكل عام إلا أننا بحاجة إلى تكريمها كنموذج للمرأة في الأسرة والمجتمع السعودي يوازي تكريمها كعالمة متخصصة في مجال الطب والعلاج؛ وتسليط الضوء على نجاحها المهني بمتعلقاته الأسرية والاجتماعية علّه يحرك المياه الراكدة التي أسنت مع مرور الوقت وتعاقب الأزمنة في مجتمعٍ مازال متردداً في التعامل مع المرأة بشكل يواكب عصرنا هذا ويلبي متطلباته. وكما نلاحظ أنه بقدر ما يصفق المجتمع لنجاح هذه المرأة إلا أنه لا يدع لبنات جنسها فرصة تمكنهن من بلوغ ما بلغت من الرقي والنجاح. على الرغم من أن حق المرأة في التعليم والعمل حق شرعي ثابت بالنصوص الشرعية حيث روي عن الشفاء بنت عبدالله رضي الله عنها قالت: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال لي: ألا تُعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة) .(رواه أبو داود) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (طُلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بلى، فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً). (رواه مسلم ). فيجدر بنا أن نتخذ من هذه الحالة المتميزة نموذجاً للمرأة السعودية في التعليم والعمل يساهم في توعية المجتمع ونشر ثقافة تعليم وعمل المرأة وجعله مقبولاً ومستساغاً في جميع أوساط مجتمعنا المختلفة وإبراز صورتها المشّرفة التي يمكن أن تتكرر في كل بيت سعودي. وكما نعلم أن الصورة النمطية السائدة للمرأة في مجتمعنا السعودي لن يحسنها ظهور المرأة في بعض المجالات المصطنعة في وسائل الأعلام؛ فهذه ليست هي الصورة المثلى للتأثير الإيجابي وتوعية المجتمع بل أنها قد تحمل المردود السلبي والانتكاسة المزمنة لوضع المرأة الاجتماعي. فيجب على المعنيين بالعمل الاجتماعي والإعلامي بذل المزيد من الجهد في الاستفادة من نجاحات المتميزات كالدكتورة خولة في المجالات العلمية للمرأة السعودية وتوعية المجتمع بأهمية ما تحققه لمجتمعها وتهيئة الظروف المختلفة لبروز أكثر من خولة في وطننا المعطاء لنا جميعاً. فشكراً يا دكتورة خولة السعودية على هذا التفوق والنجاح المشرف لنا جميعاً، فبك وبأمثالك حق لنا أن نفاخر ونقول خولة امرأة سعودية. *أكاديمية تربوية