ملأت (الناموسة) بطنها .. وتورد خدّاها .! أقلعت بتثاقل من فوق مدرج خدّ (حمدون) النائم في الفصل ، مثل طائرة ال (بي 51 ) ، عائدة إلى إحدى قواعدها البعيدة عن ( القصف ) ، لتنعم بقيلولتها ، وتتمتّع بهضم دمه الكامل الدسم ، المشحون بالسعرات الحرارية ! لم يسبق لأحد قبل هذه الناموسة الجريئة أن صعّر له خدًا ، أو (مرَصَ) له أذناً ، ولم يخضع منذ طفولته للصفع والقمع ، حتى حينما كان يقيم الدنيا ولا يقعدها ، يطلب فاكهة الشتاء في الصيف ، و(الحلاوة الطحينية) ، في ليلة مطيرة ، أطبقت فيها السماء على الأرض .! في تلك الليلة الحالكة السواد جاء راعي الدكان من بيته مغسولا.. في واحدة من حالات الطوارئ .! مع غير (حمدون) ، كان يمكن أن يُخمدَ هذا التمرّد بكفٍ محترم ، أو يُؤخذ برأي الجارة التي (اقترحت) أن يُحشىَ فمه بالفلفل الأسود أو الزنجبيل .. وهي وصفة مجرّبة على حد قولها لسد (الجاعورة) .. والحد من استحواذ وتسلّط (أم الصبيان).! والمقصود بالجاعورة ( الحلق ) ، لأنه مصدر الجأر .. من جَأر يجأرُ جأرًا .. وتقول العامة ( جعر يجعر جعرًا أو جعيرًا ) ، جريا على عادتها في قلب بعض الحروف ، مرة على وجهها ، ومرة على قفاها .. وإني أحيل من أهمه الأمر مع التحية لأهل الاختصاص و(لست منهم ) .. لكنني أنصح السائل بالاختصار، وتحديد السؤال ، حتى لا يُغرقه طوفان لسان العرب .! ربما يسأل سائل : ما هي العلاقة بين ( الناموسة ) المحلّقة في أعلى المقال و(لسان العرب) ؟! فأقول : هي علاقة (الزّن) والطنطنة .! * * * أعرف أنّ حديثي لم يعجبك .. فهولا ينطوي على حكمة .! آسف .. اليوم بقالة الحكمة فارغة .. جاء من التقطها قبلنا وذهب مع الريح .! حظك (وحش) .. أما أنا فما جئت ألتمسها ، لا من العقلاء أمثالك ، ولا من المجانين بعيدا عنك .! فهي لا تقدم ولا تؤخر .. كأنها ( حكمة اليوم ) التي كانت تكتب يومياً على ( سبّورة ) الفصل بالطباشير .. حتى إن ( الممحاة ) تبقي حكمة أمس ، وقبل أمس تحتها ، فيتشكل خليط عجيب من الحروف .. مطموس أولها ومعتل آخرها .! ما معنى أن تجدّ فلا تجد ؟! وتزرع فلا تحصد ؟! وتسير على ( الدّرب ) فيعيدك الى النقطة التي بدأت منها ؟! ما معنى هذا .. كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا .. فالفصل ينام ويقوم .. ويهيص ويلوص إلى أن يتنبه أستاذنا المجهد .. الذي أقلق منامه (ناموس) غرفة السطوح .. وغطاريف عرس الجان في البيت المسكون .. وصخب الدجاج الذي يشاركه المأكل والمشرب .. ورفث ونطنطة القطط حول وسادته الخالية.! كان (يتحمحم) كلما تنبه من غفوته الاضطرارية على لغط (الفصل) .. فيقرع بعصاه الأرض كأنه يقول : (نحن هنا) ، قبل أن يوصي الطابور الخامس بكتابة تقرير مفصل طوال فترة قيلولته الاضطرارية .! * * * اليوم إجازة .. إجازة يا صاحبي .! دعنا ( نفنّط ) حروف الحكمة ، التي انفرطت طوال أيام الأسبوع .. علنا نستوعبها في إجازة نهاية الأسبوع .. مثلما استوعبنا ( متأخرين ) حكمة ( دفتر الدوام ) المكتظ بتوقيع الحضور والانصراف ، الذي ابتكره خبير ( حسن السيرة والسلوك ) ، الذي يوصي فيه بضرورة توقيع موظف غير موجود في الخدمة مؤقتًا .! إن هذا التوقيع مثل تمديد تاريخ المواد المنتهية صلاحيتها .! اليوم إجازة يا صاحبي .. اتركني أتمتع بها بعيدا عنك .. امنحني من فضلك وقتًا مستقطعا أجمع فيه حواسي .. هذا يجعل كلاًّ منا يشتاق للآخر أكثر .! أظن أنه من الحكمة أن تعتقني اليوم لوجه الله .!