من العبارات الكثيرة الاستعمال في الشرق العربي ، والتي لم يتحدّث بها العرب قديما جملة " تسمح " أو " لو سمحت " أو " ياالحبيب " أو " يا غالي " أو" طال عمرك " . وهذا يكثر في الحوار المحكي واللغة الدارجة . تراجع سهم " ياغالي " هذه الأيام .. ! . " يا دكتور " وجدنا لها حجزاً .. ! . في سنيتنا الأخيرة . ولم نعتد لا الآن ولا قبل على النداء ب .. " يا ماجستير " ، مثلا . عبارة " تسمح " أخذناها من الإنجليزية ( please ) . أو ( will you ) ورأينا طرق المحادثة لدى غالبية الشعوب أن كل شخص يحب أن يسمع اسمه، لذلك عندما تتحدث إلى شخص احرص على أن تذكر اسمه أثناء حديثك ، لكن تجنب ذكر اسمه ( أو ما يحمله من درجات جامعية ) في كل جملة تقولها، يكفي أن تذكر اسمه في بداية الحديث وفي نهايته، هذا سيجعل حديثك أكثر حميمية وسيزيل الكثير من الحواجز بينك وبينه .إذا كان هذا من طيب التعامل في المحادثة . عند أهل مصر يكررون مفردة " حضرتك " إمعانا في الاحترام ، وتأتي الكلمة في أول الكلام ( حضرتك قلت كذا ) . وفي وسط الكلام ( مادام حضرتك عامل كذا ) . وفي آخر الجملة في أحيان أخرى . وسمعتُ حوارا دار بين مراسلة البي بي سي ( الإذاعة البريطانية العربية ) حول " كارثة " انهيار صخور المقطّم ، ومسؤول ذي صلة بالقضيّة . أراد أن يبدأ الحديث فقال : الكارثة حضرتك .. ! ، بدأت بهشاشة الصخور .. إلى آخره . هذا الترابط بين حضرتك .. والكارثة فيه شيء من الخلط ، أو المزج المشوّش . غيّر الجملة إلى مبتدأ وخبر ، بدلا من المنادى أو التبجيل . تماما مثل : ومنّا أميرُ المؤمنين شبيبُ . ثم غيرها الشاعر إلى" أمير َ بفتح الراء . ويأتي الارتباك الذي قد يعيق المقصود إذا اخترنا التبجيل بجملة " طال عمرك " وذلك عندما نريد أن ننفي الحال فنقول : لا .. طال عمرك ، وهذا أيضا يُشكك ويربك نيّة القائل ، الذي لم يكن يريد إلا فقط نفي الحال مع التمني بطول العمر للسامع . ولم أعثر في معاجم مصطلحات المراسم وبروتوكولات المجاملة في اللغة الإنجليزية إلا على جمل بسيطة ومتناثرة لأساليب المبالغة في التبجيل . فالدعاء بطول العمر أو ( لونق ليف ) LONG LIVE يهتف بها المتجمعون في مظاهرة ، ويخطونها على لافتاتهم وتعني في المقابل العربي : عاش كذا . أو جملة " جود ْبلسْ يو " God bless you وهي جملة شد عزم عند المغادرة ( يحفظك الله ) . ولا تخلو لغة من مفردات توجد اضطراب المعنى . ومصدر السرور عندي أن تلك العبارات التي لا لزوم لها لا تظهر إلا في اللهجة المحكية .