قد لا يخفى على الجميع ما تقوم به أمانة الرياض بقيادة أمينها الرائع النشط الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد العياف حتى استحالت رياضنا - ولله الحمد - رياضاً باسقات وصروحاً شامخات بكل أبعاد المعنى. على ان طبيعة مناخنا الجاف تحول دون المراد! كلما تجولت في أحد شوارع الرياض طالعتك النباتات القليلة على استحياء تمتد في انتشار كئيب يتكالب مع الغبار على نفسياتنا فيرهقها ويبعث المزيد من المرارة والملل والحنق الذي يولده الزمام المهول والفوضى المرورية. لقد جعل المولى جل وعلا لنا في كل ما هو أخضر متعة للنفس وراحة للعين وسكوناً للذات. قرأت ذات مرة ان نسبة المصابين بالربو والحساسية ترتفع عند الأشخاص الذين يفتقدون وجود الأشجار في بيئتهم عن غيرهم ليبادرني منظر العمالة المسؤولة عن تنسيق الأشجار في الشوارع بالبالغة في اجتذاذ الأشجار وتعريتها من أوراقها لتتكالب عليها شمسنا محيلة إياها يباساً خاوياً مؤلماً يمتد بأبعاد هزيلة لتصبح أشبه براقصات باليه يتمايلن ببلاهة وبلادة على جانبي الطريق كلما هب النسيم. وكلما عبرت طريق الملك عبدالعزيز رحمه الله - ذاك الذي يحمل اسم المؤسس الباني - هالني ما رأيت! امتدت إلى أشجاره مقصات التقليم المبالغ فيه وسيطرت رفعة الجفاف والحمود والقولبة الاسمنتية على أرجائه فيقتال ذاك الاخضرار الزاهي. ذاك الذي كان يرطب أفئدتنا ومشاعرنا وأنظارنا، ويبث الدفء والألق في قلوبنا.. إلى ان أحالته يد العمران إلى مشهد قاحل مبتور. لهفاً على ماض كان لا تساع رقعة الاخضرار فيه قصب السبق. إني لأرجد مخلصة من أمانة مدينة الرياض ملاحظة ذلك والتوجيه بزيادة الرفعة الخضراء وعدم المبالغة في تقليم الأشجار إذ ان المولى - جل وعلا - جميل يحب الجمال!