فاجأني مطار الملك خالد الدولي في الرياض بانتشار رفوف كتب عند بوابات الصعود للطائرات تحمل كتباً للكبار والصغار، روايات وكتب جادة، كتب حديثة وكتب تراث، ومكتوب عليها أنها تتبع لمشروع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة للتحفيز على القراءة في الأماكن العامة تحت شعار "سافر مع القراءة" ضمن فعاليات مشروع ثقافي وطني لتجديد الصلة بالكتاب. وتتوفر الرفوف في جميع مطارات المملكة وصالاتها الدولية والداخلية (ما عدا صالات الفرسان). أسرتني الخطوة في بساطتها وتداعي معانيها التي كنا كثيراً ما ندعو إليها. ليس هناك أي موظف أو موظفة ، فقط هناك ملصق على كل كتاب أن هذا الكتاب للقراءة في المطار وعلى أي قارئ إرجاعه قبل صعود الطائرة. وجدت عند كل مخرج رجال ونساء يقلبون في صفحات الكتب. من قال إننا شعب لا يقرأ؟ طبعاً رابط طفلاي عند جانب الأطفال من الرفوف وتفاجآ بأن إحدى القصص تشبه أخرى لديهما، وتحمسا للاختيار والانتقاء ثم مضينا لزاوية نقرأ فيها. كان من الصعب بالطبع إقناعهما بأن هذه الكتب للقراءة فقط، وإن كان الأمر غدا أسهل عندما شرحت لهما أن هذه رفوف مكتبة عامة وليس مكتبة شراء وذكرتهما بمكتبات كانا يستعيران منها كتباً ويعيدانها إليها. تحية إلى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ولمبادراتها الجذابة دوماً. مطار الملك خالد لا شك فخور بمبادرة مكتبة الملك عبدالعزيز وبدأ يتحسس اهتمام الجمهور بما تعرضه المكتبة وكيف يمضون وقت انتظارهم فيما يُغني ويُفيد. ولعلي أذكّر بأن هناك قاعة مخصصة لألعاب الأطفال قرب مصلى هي في الواقع غرفة خالية الوفاض، فلعل المطار يقوم بفرشها وإعدادها للترفيه عن الأطفال أثناء انتظارهم كما تفعل المطارات الكبرى في العالم، وتوظيف سيدات من خريجات رياض الأطفال للإشراف عليها ومتابعة سلامة الأطفال واحتياجاتهم. ويتبع هذه المنطقة دورات المياه الخاصة بالنساء وضرورة أن تتوفر بها خدمات للتغيير للأطفال ولعل من الأفضل أن تكون في مكان متوسط بين دورتيْ الرجال والنساء حتى يمكن للزوجين التعاون في متابعة أطفالهما، أيضاً كما يحدث في أغلب المطارات العالمية. ولتكمل مطارات المملكة خدماتها العامة فهي بحاجة لأن تكون صديقة للطفل وللأسرة، ولا شيء يزعج الأمهات في سفرهن من اشتراط الخطوط السعودية والمطارات السعودية بشكل عام استلام عربة الطفل عند الخروج عند استلام العفش. ماذا تفعل المرأة خلال هذه المسافة من باب الطائرة إلى حين الوصول إلى صالة استلام الحقائب لاسيما إذا كان الأطفال من الرضع؟ إن ما تقوم به الخطوط العالمية والمطارات الدولية هو واحد من أمرين، إما تجعل استلام عربات الأطفال عند باب الطائرة بحيث إنهم عند استلامها يحفظونها في مكان مخصص حتى لا تختلط ببقية الحقائب. وإما أن تزود الركاب بعربات خاصة بالمطار تستقبلهم عند مخارج الطائرات كما تفعل على سبيل المثال البحرين ودبي. إن مطاراتنا بحاجة إلى المزيد من اللمسات التي تجعلها مقبولة إنسانياً، وهي لمسات ليست صعبة وليست بمستعصية على التنفيذ، تحتاجون فقط لأن تفكروا من منظور امرأة حتى تشملوا بخدماتكم جميع أفراد الأسرة، وسوف تكونون رابحين أيضاً. وكل عام والجميع بخير.