يقول المثل الذي تعلمناه منذ الصغر "من طلب العلى سهر الليالي" بمعنى أن من يريد تحقيق النجاحات في الحياة على كل الصعد الفكرية والعملية والاجتماعية؛ عليه أن يعرف بأن ذلك لايتأتى الا من خلال الجهد والاجتهاد في التحصيل المعرفي والدراسي، والصبر على تحمل الساعات في الدراسة والبحث والاطلاع والثراء الثقافي والفكري. في قرية "الذريبات" التابعة لمركز الغريف بمحافظة الخرمة يعطى للمثل دلالة مغايرة تماماً، فمن طلب العلى عليه التضحية بصحته وراحته صيفاً وشتاءً عبر طرق وعرة وانعدام نقل مدرسي يوفر الراحة والطمأنينة والهدوء، وعليه أن يركب صعوبات الطريق والمناخات الجغرافية ليصل الى المدرسة منهكاً متوتراً ليس في مقدوره التركيز والاستيعاب والاهتمام بالدرس. عايض محمد السبيعي من قرية الذريبات ويسكن مع مجموعة من السكان في قريته وسط منطقة صحراوية تغطيها الحرات والشعاب، حيث السيارات اعدادها محدودة ومتهالكة بسبب الطرق الوعرة، ويستيقظ سكان القرية صباح كل يوم على صوت منبه سيارة العم عايض، حيث يجتمع طلاب وطالبات القرية للركوب بسيارتين تبرع بهما لنقل طلاب القرية الى مدارسهم في الغريف عبر طريق طويل ووعر، وركوب الطلاب والطالبات في "صندوق السيارة" ومع حركة السيارتين تهب الرياح الباردة على صغار الطلاب والطالبات في منظر يدعو الى الشفقة عليهم، ولايخلو السفر اليومي من عطل السيارة وتوقفها وبالتالي تأخر الطلاب والطالبات عن مدارسهم وحكايتهم مع البرد يومية. يقول الطالب عبدالله ثماني سنوات : اذا تعطلت السيارة نجلس على الأرض ويرتعش جسمي من البرد، وعندما اصل الى المدرسة اشعر بغثيان ورعشة وفي فصل الصيف تحت لهيب الشمس قصص وحكايات لطالبات المرحلة المتوسطة والثانوية يرسمها غبار الطريق ووعثاء السفر عندما يصلن الى المدارس، حيث الوضع المؤلم والمحرج لهن يرفع العم عايض يديه يدعو الله أن يفك الكرب وان يجد المسؤول عن وضعهم وسيلة توفير نقل مدرسي آمن ومريح لطلاب وطالبات قرية الذريبات، خصوصا أن النقل المدرسي شمل جميع القرى ما عدا قرية الذريبات. ويبدو أن دعوة العم عايض نابعة من معاناة وشعور بما يتكبده الطلبة والطالبات من صعوبات وآلام في رحلتهم اليومية لطلب العلى، وقد عايش بنفسه مايتكبده الصغار في سبيل ذلك، ويبقى أن يحس المسؤول بهذه المعاناة ويجد لها حلاً والحلول متاحة جداً. العم عايض يدعو الله طالبا الفرج