مازال مجتمعنا يضم العديد من المفارقات الاجتماعية التي نتجت عن ظهور مستجدات لم يكن يألفها من قبل , ولعل أهم ما يمس المرأة منها هو تزايد أعداد العاملات ووجود موارد ماليه ثابتة لهن ؛ هذه الموارد التي أفرزت تبايناً في المواقف تجاه حقها في تملك أموالها والتصرف فيها .حقها في التملك والتصرف في ملكها الذي أثبته لها الشرع الحكيم في محكم التنزيل والسنة النبوية الشريفة حيث قال الله تعالى ( وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ )(النساء 32) إلا أن فئات من مجتمعنا ما زالت تصادر هذا الحق الشرعي ؛ فالبعض من أولياء النساء العاملات يسيئون ممارسة حق الولاية والمسؤوليات المترتبة عليه شرعاً فلا يحسنون فهم الولاية كواجب ومسؤولية عليهم تجاه من هن تحت ولايتهم , فمنهم من يساومهن على الخروج للعمل مقابل أخذ مرتباتهن والتصرف بها بحجة عدم أهليتها للتملك أو لضعف قدرتها على التصرف في ملكها على الرغم من التحريم الشديد لهذا الفعل , قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ )( النساء 29) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه).(رواه مسلم ) بينما نجد فئة أخرى قد آلت على نفسها وفضلت معاناة الفقر وضيق ذات اليد على أن تقبل مشاركة المرأة بمالها في تكاليف الحياة ؛ وإقحامها في معاناة شظف العيش مع قدرتها وتوفر المال الكافي لديها لحل هذه المشكلة وتأمين العيش الرغيد , فقبول مشاركة المرأة بمالها في حياتها الأسرية لا يعيب الرجل أبداً لقوله تعالى (آتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ، فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ً ) (النساء 4) وفي كلتا الحالتين التي تمر بها المرأة نجد أنها هي الطرف الخاسر وليس لذلك سبب سوى ضعف الوعي الاجتماعي والجهل بالأحكام الشرعية ؛ وخصوصاً ما يتعلق بحقوق المرأة المالية. وهنا تتضح النظرة الدونية للمرأة حيث لا تخلو الحالتين من انتقاص لشأنها عند مصادرة أموالها أو عند رفض مشاركاتها المالية.فليس للولي الحق في مصادرة أموال المرأة وكسبها من عملها وليس من المقبول أيضاً رفض مشاركتها المالية والتقليل من شأنها على اعتبار انه من الأمور المعيبة للرجل . فالأمر في ذلك مرده للأساس الذي بنيت عليه الأسرة في الإسلام وهو المودة والرحمة والسكن والمعاشرة الحسنة بالمعروف . فعلى المرأة العاملة أن تشارك مع الرجل في بناء الأسرة وتعزيز دخلها المادي دون ضرر أو ضرار ؛ بما يمليه العقل والمنطق السليم سواءً كانت هذه المرأة زوجة أو ابنة أو في أي من حالاتها الاجتماعية ولذلك تبرز ضرورة توعية المجتمع بأهمية دور المرأة في بناء الأسرة و المجتمع ورقي أفراده اجتماعياً واقتصادياً والنظر لها كعنصر فاعل لا يقل شأناً عن الرجل , فلا يعيب المرأة كونها أنثى ولا يزيد الرجل فضلاً كونه رجلاً ؛ فلكل مسؤولياته وواجباته الشرعية ولكل حقوقه التي كفلها لها الشرع الحكيم . *أكاديمية تربوية