اتفق رأي الخبراء الاقتصاديين على أن المملكة أدارت مواردها المالية بكفاءة عالية مما أبعدها عن الأزمة العالمية، وهذا الإنجاز، الذي اعتبره بعض من انتقدوا السياسة المالية بأنه حذر وغير واقعي، تأكدت المخاوف وحدثت الأزمة، ورغم الحالة التي يعيشها العالم بين الأمل في الخروج من الحالة الراهنة، وبين من يتصورون ديمومتها لفترة أخرى، بنت المملكة توقعاتها لميزانية 1431 - 1432ه على سعر متوقع للنفط لا يتجاوز خمسين دولاراً، ومع ذلك صعدت الأسعار إلى السبعين دولاراً مما حقق دخلاً إضافياً أدى لأنْ تكون ميزانية هذا العام متوازنة ومنطقية مع كل الاعتبارات.. توجّه الدولة هو أنْ تكون المصروفات تتجه للتنمية البشرية وخطط التعليم والصحة، والإسكان، لأن تلبية احتياجات المواطن أصبحت لها الأولوية على أي شيء آخر، وما يُطمئن أن المملكة خطت نحو خلق بنية أساسية وتنمية مستدامة، وهذا بدوره جعل الاهتمام بالإنسان كطاقة ومشروع لإدارة ما هو تحت البناء أو المنجز من الخطط الموضوعة، يؤدي إلى التوسع في التعليم بفئاته المختلفة، وجاء الابتعاث متزامناً مع تلك الاتجاهات لسد ثغرة الأيدي العاملة الوطنية المطورة، على اعتبار أن ما يصرف على جميع المشاريع، قد لا تأتي أرباحها مباشرة، وخاصة التدريب والتعليم، لكن عائدها التنموي يبقى كبيراً.. قد تكون هناك عوائق طالما نتعامل مع الداخل باحتياجات من الخارج، غير أن الفوائض المالية تستطيع توفير تلك المطالب أياً كان نوعها، وخاصة مجالات المياه والكهرباء والسكك الحديدية، والاستثمار فيها، وكذلك الموارد من المعادن التي تزخر بها أرضنا من مختلف الثروات، والتي صارت هدفاً لجهات عالمية مختلفة. النظرة المستعجلة قد لا ترى الأمور بوضوح، وخاصة ما يتعلق ببناء إنسان المعرفة، لأن مثل هذه المشاريع تحتاج إلى أزمنة، لكن لا نستطيع أن نغفل ما أنجز من مصانع ومدن، وجامعات وطرق وغيرها، وكذلك ما استفدناه من الأزمة المالية بنزول أسعار المواد، والمقاولات عند شركات خارجية ، ووجود وفرة عالمية لدى من ينفذ تلك المشاريع، عكس الفترة الماضية عندما ظل الخيار محدوداً لكثرة الطلبات على تلك الشركات المنفذة، بينما الوقت الراهن أتاح للمملكة أن تحدد خياراتها وتفاضل بينها.. الميزانية لن تكون رقماً على دفاتر، إذ الدولة تتحرك في كل الاتجاهات بحيث لا يقتصر المشروع أو الخطة على مدينة أو قرية دون أخرى، إذ جاء التوزيع العادل للتنمية متوافقاً مع منع الهجرة إلى المدن وتوطين الخريجين في مناطقهم، وهو ما تراعيه تلك الخطط بالتوسع في التوظيف، وتحقيق معدلات جيدة بها إضافة إلى مراحل التشييد في العديد من الاحتياجات الأخرى في السنوات القادمة..