أنشئ معهد الإدارة العامة عام 1380 ه وذلك حينما بدت بوادر الحاجة للتطور الإداري في بلدنا الحبيب المملكة العربية السعودية بالظهور، ففي تلك الفترة نشأت أجهزة حكومية ذات أنشطة متخصصة تخدم أهداف محددة، كما تشعبت أجهزة أخرى من أجل تقديم خدمات أفضل للمواطنين، وكانت جميع هذه الأجهزة بحاجة لتحسين أدائها من خلال رفع كفاءة موظفيها وإعادة تنظيمها إدارياً وإطلاعها على المستجدات في المجالات الإدارية المختلفة، ومنذ ذلك التاريخ وإلى فترة قريبة والمعهد يعتبر منبع للتنمية الإدارية، حيث عمل على تلبية حاجة تلك الإجهزة من خلال برامجه الأعدادية التي اهتمت بتنمية المهارات الأساسية، وبرامجه التدريبية التي اهتمت بصقل المهارات الأساسية لدى الموظف وتنمية المهارات المتقدمة، وبرامجه العليا والتي اهتمت بتنمية المهارات الضرورية لموظفي فئة الوظائف العليا، والاستشارات التي اهتمت بتنظيم الأجهزة الحكومية المختلفة تنظيماً إدارياً يتواكب مع عمليتها ويحقق أهدافها، والندوات التي اهتمت بإيصال كل ما يستجد في مجال الإدارة العامة للإجهزة الحكومية المختلفة. كما اهتم قياديو المعهد منذ إنشائه على تطوير برامجه المختلفة والعمل على تحقيق أهدافه، حيث شهدت خلال فترة خدمتي في هذا الصرح مدى اهتمام إدارة المعهد بتطويره والاهتمام بجودة مخرجاته، ولازلت أذكر مقولة أحد قياديي المعهد بأنه يجب على المعهد أن يتأكد من مدى تحقيق برامجه لأهدافها التي أنشئت من أجلها من خلال عدة وسائل من أهمها استقصاء أراء من تدربوا فيه وكذلك استقصاء أراء مدراهم، وأن لا يعيش المعهد في برج عاجي حيث لا يستطيع أن يرى أخطاءه وبالتالي لا يسعى لتصحيحها. ولكن ومنذ فترة ليست بالقصيرة بدأت أنشطة المعهد التدريبية والاستشارية وغيرها بالابتعاد عن ما حققته من مستويات في السابق وانخفضت بشكل ملحوظ، فالبرامج التدريبية توقفت عند برامج القدرة الوحدة، وهو أسلوب لم يعد جديد بل أصبح قديماً وغير مجدياً وذلك نظراً لتركيز هذا النوع من التدريب على المهارات الأساسية العامة وإهماله المهارات الخاصة والضرورية التي تحتاجها الأجهزة الحكومية لأداء أعمالها بعد أن أصبحت بيئة هذه الأجهزة الإدارية معقدة من جراء دخول عناصر التقنية الحديثة إليها إضافة لعاملي التخصصية والخصوصية الذين أصبحا يميزان هذه البيئة، وكان من الأجدى تطوير هذه البرامج بحيث تتواكب مع التوجه القائم الآن في مجال التدريب والمناسب للبيئة الإدارية في الأجهزة الحكومية في المملكة والذي ينصب على تدريب الموظف في بيئة عمله مباشرة من قبل خبراء في بيئة العمل المستهدفة، كما أن نشاط الاستشارات لم يعد قوياً كما كان حيث افتقدت الاستشارات للمرونة والبعد المستقبلي لنتائجها، إضافة إلى هذا كله لم تعد بيئة المعهد محفزة للعمل كما كانت سابقاً ولو أن هناك منظمات عالمية معترفة لتقييم واعتماد معاهد التدريب في العالم لأظهرت بوضوح تدني مستوى أنشطة المعهد في الوقت الراهن. ومن خلال ما ذكر نجد أن المعهد حالياً بحاجة للارتقاء بمستواه ليعود كما كان في سابق عهده وأفضل، وبالتالي فإني أرى أن يتم تشكيل لجنة لدراسة وضع المعهد الحالي واقتراح الدور المستقبلي له على أن تعيد الدراسة صياغة أهداف المعهد وتضع الإستراتيجيات الخاصة بتحقيق هذه الأهداف والخطط الكفيلة بتنفيذ هذه الإستراتيجيات. رئيس قسم الهندسة الصناعية جامعة الملك سعود