جاءت مشكلة تعثر امارة دبي عن عدم قدرتها حالياً لتسديد مديونيات شركة دبي العالمية والمتجاوزة 26 مليار دولار لتزيد من أزمة دبي جراء الأزمة العالمية، ولم تفلح جميع التطمينات السابقة للمسؤولين الحكوميين بدبي في وقت سابق بسرعة تعافي دبي من الأزمة المالية بشكل سريع لتتضاعف ديون دبي إلى 60 مليار دولار، حيث رجح الكثير من المراقبين إلى أن 60% من أزمة الديون راجعة للاستثمارات العقارية مما ألقى بذلك بشكل مباشر على أسعار العقارات بالامارة الحالمة وهبطت قيمة التداولات العقارية في البيع والشراء لأكثر من 75% وفق مستثمرين من داخل السوق كما هبطت الأزمة بأسعار التأجير لأكثر من 40% برغم ارتفاعاتها المتضخمة والمبالغ فيها سابقاً والتي ازدادت ما بين عامي 2005 إلى 2008. "الرياض" استطلعت عدداً من المستثمرين السعوديين بالإمارات حول استثمارات السعوديين بدبي والتي قدرت خلال الأعوام الماضية ب100 مليار ريال وفق توقعات المراقبين. تعطيل المشاريع أثر في ربحيتها وقال محمد بن حسين النمر مدير التسويق لشركة عوالي العقارية إحدى أكبر الشركات السعودية المستثمرة بدولة الإمارات رداً على سؤال ل"الرياض" حول مدى تضرر مشاريع الشركات السعودية في الإمارات جراء الأزمة، ان أقل ما يقال هو التأخير في تنفيذ المشاريع والتأثير في ربحيتها حتى لو لم يترتب عليها خسائر بالتأكيد سيترتب عليها نقص في الربحية بشكل كبير، والتأخير في تنفيذها، وعن السؤال المطروح حول مدى الضرر للشركات العاملة بالإمارات هل هو تضرر بشكل كامل أو أن الضرر بعملية تأخير تسليم المشاريع فقط أجاب النمر أن الضرر يكون عندما تقوم الشركات العقارية بعمليات البيع بالتقسيط ويحصل هناك تعثر أو تأخير من العملاء أو المستثمرين فيكون بالتالي هناك عرقلة بتجميد المشروع، والآن بغض النظر عن الأسعار وتغيرها وحالات التعثر الحالية التي لم تبين حجم الضرر، ولكن بكل تأكيد انه في نهاية الأمر هناك تراجع بالربحية بشكل كبير، مستبعداً أن يكون هناك خسائر كبيرة للشركات العقارية، لافتاً إلى أن العقاريين يعرفون جيداً إنه إذا كان هناك هبوط بالأسعار فإن رجوع الأسعار يأخذ وقتا لا يتجاوز الخمس سنوات حتى ترجع الأسعار كما كانت، كما أن الكثير من المطورين العقاريين يعرفون متى إقامة مشاريعهم وذلك عندما يتوازن العرض مع الطلب وتكون حينها الربحية واضحة فتبدأ في هذه الحالات دخول الاستثمارات الجديدة للسوق. تعثر سداد صغار المستثمرين ضاعف المشاكل وعن مدى صحة الأقاويل التي تشير إلى أن الكثير من المشاريع السعودية بالإمارات خسارتها مضاعفة لوجود التمويلات المفتوحة وبالتالي أصبحت الخسائر حالياً كبيرة نفى النمر هذه الأقاويل قائلاً ان التمويل أثر فعلياً على المشترين لهذه المشاريع ولم يؤثر بشكل مباشر على أصحابها، مبيناً أن وقوف البنوك حالياً عن تمويل المشترين يعتبر جزءا من المشكلة، وأما من ناحية تضرر أصحاب المشاريع فإن البنوك جزء كبير من تمويلاتها تقوم على جزء أساسي على رهن المشاريع العقارية. وأضاف أنه بحسب تصوره فإن قليلاً من رجال الأعمال السعوديين بالإمارات من أخذوا قروضاً تمويلية على مشاريعهم وأن المشكلة الحقيقية التي تواجه أصحاب المشاريع هي توقف المشترين لوحداتهم السكنية عن دفع الأقساط لملاك المشاريع بحجج مختلفة تكون غالباً بالفعل عدم القدرة على السداد أو لان العقار قد هبط سعره بشكل كبير فيقوم المشتري بالتنصل بعدم سداد الأقساط الباقية والتضحية بالأقساط القليلة التي دفعها سابقاً، وما يؤزم المشكلة هو عدم وجود مشترين لهذه الوحدات المتعثر سدادها. وحول تفهم البنوك لدائنيها بخصوص هبوط أسعار العقارات بشكل كبير ومساعدة المشترين على إعادة جدولة ديونهم وتوازنهم من جديد قال النمر ان تمويلات البنوك لصغار المستثمرين لم تكن بناء على رهن العقارات وإنما كانت على رواتبهم الوظيفية داخل الإمارات وبالتالي فإن البنوك تضمن حقوقها مسبقاً وفي حالات كثيرة يكون وضع البنوك حرجا جداً لفقد الموظف وظيفته أو طرده من عمله ففي هذه الحالات البنوك أمامها خيار صعب بالقيام بالاستحواذ على العقار وعند ذلك فإنها تقع بنفس المشاكل التي وقعت بها البنوك الأمريكية عندما وقعت في دوامة الخسائر بسبب انخفاض أسعار العقارات عند بيعها وأصبحت أقل من قيمتها السوقية مما كبدها خسائر مضاعفة منوهاً أنه في هذه الحالات تتبين مستويات البنوك من ناحية إعطائها للقروض الجيدة والقروض التي يصعب استرجاع رأس مالها فالبنوك المتفائلة كثيراً سابقاً هي الآن في ورطة حقيقية لعدم التوازن بين القروض الممنوحة وبين مستوى إيرادات المشاريع والواقع حالياً أن البنوك لا تعتمد على سمعة رجال الأعمال كما يحصل سابقاً لذا فإنها حالياً أوقفت قروضها للمشاريع بشكل كبير لتقييم أوضاعها المالية. تدخل البنوك لحجز العقار ولفت النمر إلى أن البنوك لم تتدخل حالياً للسيطرة على العقارات المتعثرة لضمان حقوقها، متوقعاً أن يتم ذلك في حالة التعثر الواضح، وحالياً فإن البنوك توقفت عن سداد دفعاتها التمويلية للمشاريع العقارية. وحول تأثر الشركات السعودية بالإمارات قال النمر ان الشركات السعودية عانت من نفس الأزمة ولكن الناحية الإيجابية في دبي هو اختصار المشاريع، فعندما يكون للمستثمر أكثر من مشروع يختصرها بمشروع واحد. وعن توقعه لأسعار العقارات بدبي وعجمان كون غالبية التجار السعوديين يستثمرون فيها أفاد النمر أن جزءا من الأسعار المرتفعة في بعض المشاريع بدبي بحسب توقعه لن ترجع كما كانت والعقاريون يدركون جيداً أن هناك تكلفة في بناء المشروع، إضافة إلى قيمة الأرض وربحية معقولة وما زاد عن ذلك فإن هذه الزيادة لن ترجع متوقعاً أن قيمة بعض العقارات الكبيرة بدبي لن ترجع أسعارها قبل خمس سنوات. وبين النمر إلى أن أزمة دبي حالياً هي أزمة موقتة وهي من أجل تحسين شروط اعادة الجدولة، متوقعاً أن تنتهي هذه الأزمة قريباً، مبيناً أن مشكلة دبي وقعت بسبب قروضها صغيرة المدى والتعثر بالتسديد بعد تعثر المشترين للعقارات في أقساط المبيعات وتعثرهم عن السداد، وأنه لو كانت قروض دبي طويلة المدى لربما لم يحصل ما حصل حالياً، مؤكداً قدرة دبي على سداد مديونياتها معتبرها أفضل من كثير من البلدان العالمية من حيث قدرتها على تجاوز الأزمة. من جهة ثانية قال المستثمر العقاري محمد الجربوع أحد المستثمرين بعقارات دبي ان الأزمة العالمية ألقت بظلالها على دبي وبخاصة السوق العقاري الذي انخفضت فيه أسعار العقارات المؤجرة مابين 35 إلى 40% وبقية الإمارات الأخرى تجاوزت 50%. وعن حجم التداولات والبيع في دبي حالياً أوضح الجربوع أن هناك حالة ركود في البيع والشراء وصلت حالياً إلى 75% عن الأعوام الماضية وهو ما يلاحظه من خلال شركته العقارية، مبيناً أن حالة الركود بدأت بعد الأزمة المالية بشهر بعدما كانت هناك سابقاً حركة البيع والتداول عالية وكبيرة وعن حجم تداولات السعوديين حالياً ومدى إقبالهم على عقارات دبي أجاب أن حركة التداول للسعوديين قد قلت مثلهم مثل غالبية الجنسيات الأخرى، لافتاً إلى أن شريحة معينة من المستثمرين السعوديين لهم نظرة مختلفة عن الاخرين تتمثل بقيامهم باقتناص الفرص مؤكدين بأن الوضع مناسب حالياً للشراء بحسب قناعتهم الخاصة، وأن هناك إقبالا لشراء العقارات بدبي خلال الفترة الحالية من قبل الجنسية الروسية بشكل أكبر عن الجنسيات الأخرى، مؤكداً بنفس الصدد ثقة الكثير من المستثمرين بقدرة دبي على تجاوز أزمتها الحالية لتوفر البنية القوية للإمارة وسمعتها التجارية والاقتصادية على صعيد الشرق الأوسط.