عوضاً أن تظل تلتقط الحب وتنقر هنا وهناك على الأرصفة المتسخة بأعقاب لفائف التبغ وبقايا آثار العلك، آثرت تلك الحمائم الثلاث أن ترتشف من الماء العذب بل وأن تذهب إلى أبعد من ذلك ملتمسةً الاستجمام باللجوء إلى الاستحمام. وتبدو تلك الحمائم في بريسبين في كوينزلاند وكأنها قد توصلت إلى نظام ذكي لتكييف نافورة المياه التي بناها بنو البشر وتطويعها لخدمة أغراضها الخاصة بها كحمائم. فبعد الانتظار إلى أن تخلو النافورة، قفزت إحدى الحمائم فوق الرافعة وضغطت عليها إلى أسفل لملء الحوض بينما ظلت الحمامة الثانية تراقب الوضع عن كثب فيما شقت الثالثة طريقها نحو الماء للاستمتاع بالغوص لمدة قصيرة. وبعد أن عبت من الماء حتى ارتوت ثم غسلت ريشها حتى نظف حجلت الحمامة الثالثة ووثبت بقدم واحدة إلى الرافعة ليتسنى لرفيقتيها الذهاب بعيداً عن النافورة. وقد استمرت الحمائم الثلاث في ممارسة طقوس الاستحمام لمدة عشر دقائق أمتعت خلالها أنظار المارة وأدخلت البهجة على نفوسهم في ساحة مكتب البريد بمنطقة بريسبين التجارية التي تشهد نشاطاً صاخباً وحركة دؤوبة. وعلى خلاف الطيور الأخرى التي ترتشف رشفة من الماء ثم ترفع رؤوسها لكي تبتلع الماء فإن الحمائم تسحب الماء إلى الداخل مستخدمةً مناقيرها مثل المصاصات. وبرغم أن الحمام ليس من الطيور المشهورة في هذا الجزء من العالم ويشار إليها بمسمى جرذان السماء، فإن تلك الطيور – بما فيها الحمام الانجليزي – تعد من بين أصناف الطيور الأكثر ذكاءً ونباهةً.