لم نكن بحاجة لقراءة تعليقات أو تعقيبات تتحدث عن « المأساة « .. وحدها الصور كانت كفيلة بنقل ما يحدث في جدة جراء فوضى الفيضانات الأخيرة .. كانت الصور أبلغ من أي حديث ، أثارت عشرات الأسئلة تسبقها الدموع وحزن يختلج في الأنفس عما يحصل هناك وعما يعانيه المواطنون والمقيمون بعد الغرق. استأثرت مشاهد السيارات المتدحرجة والطرق المغلقة على المشهد الأولي للكارثة على اعتبار أن الدهشة مازالت تتملك الجميع .. ومازالت الصورة الحقيقية للمأساة لم تتكشف بعد.. الصورة الحقيقية تحكي عن « كارثة « إنسانية حدثت ولازالنا في أول فصولها بعد أن بدأت تكشف المياه عما تحتها من قصص موجعة تدمي القلب وتبكي العين. إحدى هذه الصور التي اهتزت أمامها كل المشاعر كانت لطفلة .. انتشرت صورتها بعد إخراج جثتها من مياه الفيضانات وأخذت في الانتشار في المواقع الإلكترونية المحلية والعالمية لتعبر عما يحدث في جدة .. وأبكت معها قلب كل أب وأم .. لأن مأساويتها أنست معها أي جوانب أخرى للكارثة، وتحتاج هذه الصورة لقلوب من « حجر « حتى تتمكن من المرور أمامها دون أن تتأثر. والكثيرون بحثوا أمس عن مصدر هذه الصورة بحثا عن هوية هذه الضحية وموقعها .. إلا أن انتشارها بشكل خاص عن غيرها من الصور كان كاختيار إنساني يجيب عن كل الأسئلة ، ويحولها « لرمز « لما حدث ولازال يحدث في جدة معبرا عن واقع هذه الكارثة الإنسانية ولرائحة الموت التي لازال عبقها يملأ مدينة بأكملها، وستكشف الأيام المقبلة مزيدا من « الفضائح « التي كثيرا ما تحدث عنها أهالي جدة وتناولتها وسائل الإعلام ومنذ عشرات السنين قبل أن تخلق هذه الطفلة المسكينة ولازالت كافة الملفات تحت الدراسة. لتتحدث الصورة عن الواقع « المكشوف « وهذه الطفلة بمنظرها المدمي ستبقى عالقة في أذهان الجميع.