إليها.. وإلى كل إنسان تعنيه الأحلام.. الطموح.. نقاط التحول.. والحكمة! إليك وقد سألتيني عزيزتي عن الأحلام، الطموح، التجارب، انكسارات الذات ونقاط التحول! أعرف جيداً وربما أود ألا أعرف! أن من أكثر الأشياء ألماً في هذه الدنيا، أن يحبس المجتمع فيك حتى الثرثراث الصغيرة بأحلام نبيلة! أو ليس من ذاق عرف!! هاجسي الآن أني لا أريدك أن تقعي في مصيدة الشفقة على الذات وتسميم الذات للذات! إياك!! كوني واعية لها مهما بدلت ثيابها!! فهي توصلك إن رغبت إلى اللامكان! وإغراء الركود! ولكي يكون كلامي هيناً ليناً سهلاً عليك، أقسم لك أنني وضعت قدمي في حذائك ولم أنتظر أن تطلبي مني هذا، ووالله آلمتني! ومن منطلق هذا الألم أكتب!! لن أقول لقد مررتُ بخبرة مشابهة!! لأني أدرك أن هذه العبارة آخر شيء تتوقعين سماعه مني!! وأنا معك، فهي عبارة فارغه فأنا، أنتِ، كلنا لا نرغب أن نسمعها، لأننا ببساطة نريد أن تحترم آلامنا ومشاعرنا ونشعر بفرادة تجاربنا.. و لا بأس بذلك! عزيزتي.. جميل أن يكون لدى الإنسان طموح وتفاؤل بالرغم من المجتمع القاسي والصعب.. لا أقول لك لا تتفائلي.. ولا تطمحي، لا ما هذا بمرادي.. ولا أتمنى أن يكون.. ولكن تحتاجي ربما أكثر من غيرك مرونة في الوسائل التي تحققي بها أهدافك، تذكري عندما يغلق باب ينفتح آخر! إلا أننا ولعجلتنا أو جهل منا..نقف عند ذاك المغلق طويلا! كوني واعية أن كل تجربة تمر بنا أو نخوضها تعلمنا شيئاً ما.. قيمة ما، حتى وإن كان ذلك الشيء لا يتعدى فقط، معرفتك بعدم جدوى هدر الوقت مقابل أهداف غير واقعية! أو البقاء أسيرة لتوقعات الآخرين منك!.. وصدقيني كم تقيدنا تلك التوقعات، وإن كنا نشارك الآخرين في تقييدها لنا بشكل أو بآخر! فلا نعفي أنفسنا كلياً! التجربة تجعلنا نعيد صياغة هدف ما، ترتيب أولوياتنا من جديد، أما بالنسبة لنقاط التحول! وقد سألتيني! لا أعرف لا أستطيع أن أقول ابحثي عنها؟ فهي من سيتكفل بالبحث عنك؟ بمعنى أن الله يضعها في طريق عبيده يمتحنهم بها، ليكتشفوا ما بداخلهم من قدرات مخبأة لكن المطلوب منا أن نكون على استعداد ويقظة لها فلا تكسرنا التجربة ولا نجعلها تمر مرور الكرام ولا نستفيد منها شيئا! في الإنجيل هناك آية أو دعاء يقول:"ربنا لا تدخلنا في تجربة" و أنا أقول: ربي أدخلني في تجربة واجعلني أستفيد منها واجعلني من خلالها أعرفك وأعرف ذاتي أكثر! قد تكون هذه النقطة المفصلية: وظيفة جديدة، عقبة ما، فقدان صداقة، بداية علاقة ما، وفاة شخص الخ. الروائي باولو كويليو يقول: "مهما تفننت في التخطيط لحياتي أو تخيل مساراتها يظل الرب يرسم خطة خاصة لي وان كانت مختلفة عن خطتي لنفسي، إذا بي أكتشف أنها أجمل و أبهى وأجدى". بالنسبة لي أحب أن أعمل وأجتهد بما هو متاح بين يدي، أو هكذا أحاول وأتمنى! لا أن أجعل ما هو غير متاح، يضيع المتاح وتذهب نفسي عليه حسرات! بعض ما أوده منك أن تستمعي إلى روحك ولكن لا تنسي النظر إلى الصورة الأكبر! تذكري أن حياتنا مراحل، معابر، ومن يتقن فن العبور، وخالقي وخالقك سينجو! أغمضي عينيك واهمسي لذاتك: إن ما يحدث معي حقيقة، وأنا الآن سأحاول أن أجد أفضل وسيلة ممكنة للتعامل معه وما يحدث لي يتبع خطة متقنة من القدر! وعلي ألا أنسى أن أكثر الأشياء جمالاً قد تنبثق من أكثر الأشياء سوءاً! تحضرني استنارة لابراهيم الكوني يقول فيها:"لا إنسان عظيم بدون امتحان عظيم، لا إنسان عظيم بدون ألم عظيم!"، و أنتِ عظيمة! أليس ذلك بحقيقة! إن كل معبر طريق، انعطاف مفاجيء، أجبرنا عليه، وربما بلغت منا الروح الحلقوم بسببه بعد أن نهدأ قليلاً، وتنبلج بصيرتنا، نعرف أنه أتاح لنا فرصة للنمو والثراء الشخصي بكافة أبعاده، ما كنا لنصله لولاه!! ولكن مهلاً، لست مع من يقول "إنه لا توجد أيام سيئة هناك فقط أفكار سيئة!" لا هناك بالتأكيد أيام سيئة،أحداث سيئة ومريره، كما أنها لا تأتي فرادى للأسف الشديد، ولكني أؤمن بالمقابل بقدرة الإنسان على تخطيها وتجاوزها، وبأن هناك أياماً أخرى لها عطاياها، وكرمها يسعد فيها الإنسان وتتألق روحه، وما بين هذه وذلك يكون الإنسان، و منها يتمثل اختلافه واستيعابه للحياة وحكمته! تلك الحكمة الصديقة الصدوقة والتي لا يلقاها إلا الذين صبروا ولا يلقاها إلا كل ذو حظ عظيم! في النهاية دعيني أخبرك لأجل أن تثري حياتك وتضيئينها وتستيقظي! ربما لا تحتاجي لملايين البشر، ولن تعنيك للأسف آلاف الأنوار حولك اذا كان باطنك معتماً!! فقط تيقني أن جذوتك الداخلية لم تنطفىء، وكوني مؤمنة بهذا! سألوا بوذا عزيزتي: هل أنت ملاك؟ قال: لا هل أنت قديس؟ قال: لا إذن ماذا تكون؟!! قال: أنا يقظ روحياً! لسنا ملائكة ولا قديسين!! لذلك لا نملك كل القوة، كل المعرفة، كل القدرة، كل الطهارة، كل الكمال. ثقي بي يكفينا أن نكون يقظين روحياً! فقط.. أوصيك بذاتك، حبيها واحضنيها وصادقيها وامنحيها ما تستحقه من تسامح وتقبل! وستأتي بعدها كل الأشياء بالضرورة!! *قسم علم النفس/ جامعة الملك سعود