وإن تكن أحلامنا عابرة أو ربما تكون أحلامنا أحلام يقظة فإنها سرعان ما تتبدل بدون سابق إنذار ليبقى لنا الأمل الوحيد بخلخلة تلك الأحلام حتى تصبح في حدود النونية. إننا لا يجب أن نعلق الآمال على مزاج أحلامنا المتبدل لا لشيء وإنما لأن الأحلام سرعان ما تتلاشى بخيرها وشرها، ويبقى اليقين الذي لا فصال فيه وهو أن نكون على حقيقة أن ما يصيب الإنسان هو مقدر من الله عز وجل أن خيرًا فخير وأن شرًا فشر. هناك في الدور الخامس اصوات مرضى تتعالى وانين لا ينقطع وحالات صحية مؤلمة وقد امتلأت بها جميع اجنحة الدور لنجد أن من بين جنباتها تفوح رائحة المرض وفي مسراته تسمع أصوات الأنين المبحوح من جوف صدور المرضى. كل منا له القدرة على قوة التحمل والمكابدة وكل منا يعيش حالة من الغشيان المبطن بثوب الصحة والعافية فما أن ينكشف المستور حتى تبان لنا قوى الضعف وقلة الحيلة حينها لن تجد إلا التمائم والنحيب. إن الله عز وجل (إذا أحب عبدًا ابتلاه) وان يكن البلاء في صحة أحد منا ام في ماله فإنه حينما يقع ذلك البلاء فإن لا حيلة لنا الا أن نتذكر قدرة الله عز وجل في كبح جماح النفوس العالية والقلوب العاتية والمبتلاة ونكون على يقين تام بأنه مهما يطغى الانسان ويتجبر ويتعالى ويبتلى فإنه حينما يحل به المرض يصبح اضعف واصغر من أي شيء يصبح لا حيلة له الا أدعية المقربين وذويه ومغفرة من الله عز وجل ورحمة. سئل ابو الدرداء - رضي الله عنه - ما احب الاشياء إليك في الدنيا قال: الجوع، المرض، الموت، فردوا عليه تعجبًا لماذا؟ فقال: اذا جعت رق قلبي، واذا مرضت خف ذنبي، واذا مت لقيت ربي. من خلال ما تم ايضاحه فإنه يجب علينا متى ما حل بنا البلاء ام بعزيز علينا (لا اراكم الله مكروهًا) أن نعي اهمية الرجوع إلى الله عز وجل في جميع شؤون حياتنا اليومية وألا نغتر بسلامة اجسادنا ووفرة اموالنا الزائلة فكم هي الحالات المرضية لأناس تنشد الصحة والعافية ولو افتدت ذلك بكل ما تملك من اموال وامكانيات ولكن دونما جدوى سوى بضعة آمال محفوفة المصداقية ورجاء حاد ومغفرة صادقة من رب العباد تعيد من له أمد في الحياة وتتولى من دنى قدرة. هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن تكن زيارة المريض واجبة يفرضها علينا ديننا الاسلامي العظيم كونها رسالة سماوية ونهجًا اسلاميًا قويمًا يحثنا على التعاون والتكاتف والتواصل وما تكتسبه من اهمية كبيرة في التخفيف عن المريض ومواساته فإنه لا يجب أن نتهاون او نغفل عن اداء الواجب في زيارة اولئك المرضى الذين ابتلاهم الله في اجسادهم بمرض او علة او بمسببات قدرها الله وما شاء فعل وجعلتهم يرقدون على الاسرة البيضاء يصارعون الويلات وتصيبهم العزلة عن المجتمع والحرية والانطلاق في غرور ونشوة. إن البعض منا يعيش في حالة من الجحود والفتور وعدم اللا مبالاة في اهمية زيارة المريض واقتصارها على المقربين منهم فقط وكذلك الحال لا يختلف كثيرًا في اولئك الذين يزورون القبور للدعاء وطلب المغفرة لعزيز عليهم فقدوه ولولا أهمية الزيارة سواء لمريض أم ميت ووقعها على الانسان لما اقرها الاسلام ودعا اليها لكي تصبح واعظًا للانسان وملهمة له. بندر عبدالله الضرمان - الباحة