وضْع الملك عبدالله في قائمة أهم عشر شخصيات مؤثرة في العالم وفقاً لمجلة «فوربس» انطلق من بدهية حقيقية، إذ بحسابات عامة استطاع أن يطوي نصف عقد بإنجاز نصف قرن عندما أنشأ منظومة مشاريع استراتيجية، مضاعفة أعداد الجامعات وتوسيع القائم منها، واعتبار التعليم بمراحله المختلفة هو الأساس في المكوّن الاجتماعي المتطور، ثم ضخ البلايين في شرايين البنية الأساسية والمدن الاقتصادية والصناعية، ثم تطوير أساليب القضاء وتحديث الإدارة، والدفع بآلاف الشباب للابتعاث الخارجي، وفتح الحوار الوطني ليكون التعبير الموضوعي عن مختلف القضايا، ثم برهنته على أن حوار الحضارات والأديان، وسيادة السلام العالمي اشتراطات أساسية في بناء عالم جديد لا يعيش رعب الحروب ورهبة المخاطر، ثم القضاء على الفقر بالتنمية الاقتصادية والبشرية.. رجل بهذا الحجم لم تطوه هموم وطنه وأمته على هموم إنسانية بعيدة، ونداءاته المتعددة بخلق أجواء مصالحات في الخلافات العربية، والإسلامية عندما جمع الفرقاء، أو أعلن شخصياً إيقاف أي خلاف مع دولة عربية عندما شهدت قمة الكويت تلك القفزة المفاجئة في أجواء مشحونة بالتوتر واحتمالات التصعيد، ثم سعيه إلى إغلاق منافذ التدخل الأجنبي بأي أرض أو شؤون عربية.. في قمة العشرين لم يكن الرجل الضيف بل الشخصية الفاعلة، لأن حجم بلده المتنامي اجتماعياً واقتصادياً، والمؤثر عالمياً، وضعه في الدرجة التي اندرجت فيها زعامات الدول الكبرى اقتصادياً. ونأتي لزياراته الخارجية للدول المهمة في العالم، عندما ذهب ليوقع على علاقات تميزت بالاحترام، وعقد الاتفاقات التي ترفع مستوى بلده العلمي والثقافي والسياسي، وقد كان لوضوح مواقفه ، وبساطة طرحه ، وتلمسه الاحتياجات التي تربط كل بلد مع المملكة، أنْ أوجد خُطى جديدة لعلاقات أكثر ثقة وتعايشاً.. الملك عبدالله ليست لديه ألوان متغيرة، لا بسلوكه الذي طبعته شهامة الإنسان وأثر التربية، وعالم الصحراء وفروسيتها وانفتاح آفاقها، ولا بشخصيته المثالية والصادقة وتعامله مع الضعفاء بالحنان، والجبابرة بالحزم، وحتى في السياسة الخارجية لم يساوم أو يعطِ حتى الوعود بالتنازل عن القضايا الجوهرية، رغم الضغوط والمغريات، لأن المبدأ لا يتغير ثباته أمام أي موقف آخر.. بهذه الصور المتعددة جاء مقياس مجلة (فوربس) في وضع الملك عبدالله في عالم من يؤثرون في محيطهم وخارجه، ليس فقط (بالكارزما) الشخصية، وإنما بالفعل عندما يسيّر القوافل والطائرات للمنكوبين بالزلازل والحروب والأعاصير، والكوارث، أو عندما يسعى مع منظمات عالمية بدعم مشاريع إنسانية ذات تأثير على الفقراء والمرضى والمشردين أو المهجّرين، ومن كل هذه الأسباب جاءت شخصية الملك عبدالله نموذجاً للإنسان المتكامل..