من الصور المؤلمة في كرة القدم رؤية قدم تكسر، أو جرح ينزف، أو لاعب يتألم، لم توجد الرياضة لهذا، ولم يكن الهدف الأسمى لها سوى نشر محبة بين الممارسين والمشاهدين. في لقاءات رياضية علقت بذاكرتي وذاكرة كل واحد منكم مشاهد مؤلمة حينما يستعرض شريطها يصيبه الألم، ذلك إذا كان داخل الملعب، فكيف بممارسة العنف خارجه، في المدرج أو في الشارع؟! قبل أيام شاهدنا ما يسوء قبل وبعد مباراة منتخبي مصر والجزائر في اللقاء المؤهل إلى كأس العالم، كان الإعلام يحقن في الجمهور قبل اللقاء بفترة طويلة، وكان الجميع يترقب ذلك اللقاء بين الشقيقين بلهفة كبيرة، الجميع أراد أن يشاهد لقاء حاميا داخل الملعب، لكنه شاهد سخونة داخل الملعب وخارجه! منظر الدماء التي سالت من رؤوس اللاعبين الذين تم قذفهم يتنافى والروح الرياضية التي يفترض أن تسود جميع اللقاءات الرياضية، خاصة إذا كانت تجمع بين أبناء الوطن الواحد، أو اللغة الواحدة. إن جذور الشغب هي في الواقع نتاج طبيعي للتعصب الذي يطرح عبر وسائل متعددة منها الإعلام غير المنضبط، وأساسه وجود سوقيين يمارسون الإثارة المفتعلة، ويطرحون كل ما يطرأ عليهم دون أن يحسبوا للنتائج السلبية حسابها، ولا يقيمون وزنا لما ينتج عن الطرح المتعصب، خاصة إذا كان موجها إلى الآخر المنافس يهاجمه أفرادا أو مجموعة. كثيرا ما طرح هذا الموضوع، ومما يفترض أن يسأل عنه بكثرة أيضا : أين الأكاديميون عن الرياضة؟ لماذا نأوا بأنفسهم عنها؟ ومن دخلوا إليها دخلوها متابعين فقط، وبسرية تامة، وهذه مشكلة، ذلك أن الساحة الرياضية أرض خصبة إن لم يدخلها المفكرون يعملون فيها إصلاحا خلت لأصحاب الفكر السطحي ينشرون أفكار التعصب والتفريق بين أبناء المجتمع الواحد دون أن يدركوا الآثار السلبية لما يقومون به! إننا نريد أن يلتفت أصحاب الفكر العميق إلى خطورة ترك الحبل على الغارب لمن هب ودب ينشر تعصبه، هو في الواقع إصلاح قبل أن يكون تشجيعا، هو عمل اجتماعي قبل أن يكون عملا رياضيا.