جفنه علم الغزل.. قالها صاحبي بإعجاب كبير للكلمات والمعنى الذي يلف القصيدة بأجواء غزلية تصل بنا إلى رومانسية واقعية.. ثم نظر إلي نظرة من يستمتع بسماع الشطر الثاني رغم أنه يحفظه عن ظهر قلب لكن فكرة المشاركة هي من صفاته، رددت الشطر الأخير: ومن العلم ما قتل. قال: الله. قلت له الله على ماذا على القتل والدمار، نظر إلي وقال وشعور بالإحباط يملأ عليه الأرجاء والنواحي: أقول الله ينكد عليك، يعني ما لقيت من هذه القصيدة الرومانسية الرائعة إلا هذا الجانب المظلم لماذا لا تفهم المعنى الحقيقي والدافئ لهذه القصيدة: قلت ماذا يعني لك: ومن العلم ما قتل مجردة بمفردها، مؤكدة بمعناها على هذه الكراهية التي نراها في كل زاوية من زوايا الوجوه التي تحمل البغض وتتعلم سواد الأشياء لا بياضها الناصع، تتعلم الإلغاء لا الحوار، تتعلم الاتهام الجاهز والصمت وذلك بسبق علم وإصرار على إلغاء المحبة والحب والصداقة ونظافة القلب واللسان واليد، مرقت الأيام والأسابيع والسنون علينا ونحن نتحفز دفاعاً عن فكرة بسيطة وساذجة وطبيعية في العالم كله وهي أن تفكر وتضيف لهذا الوطن دون أن يتهمك أحد بالزيغ عن سبيل الدين وأن تقول باحترام المرأة، ولأنك تقول إن الدين العظيم أعطاها الكثير والكثير لكن العادة والتقليد والنبذ والاحتقار والتقليل من شأنها أصبحت ديدناً وتحولت عند الكثير إلى اعتقاد، يعني بمنتهى البساطة إلى علم. سوف أنتقل بك إلى مرحلة أخرى وهي ما عانته بلادنا من حرب على الإنسان وعلى فكره وعلى دينه بعلم جديد وبمجموعة من المحرمات تدين تعليم المرأة وتدين مشاركتها، وهذه المجموعات تعيش بالحرب الذي تستغله دول كثيرة كلّ بحسب هدفه وكلّ بحساباته ربحا أو خسارة، بل إن دولاً كثيرة تتغنى ليل نهار بالحرية وإرساء الديموقراطية ترسل الأسلحة والأفكار الفتاكة إلى هؤلاء الذين جعلوا العلم سواداً وكراهية وقتلاً لإقامة دولة تقطع الرؤوس وتزهق الأنفس وهم يرغبون أن نكون دولاً لا تبتسم ولا تغني ولا تقول شعراً ولا تعشق الحياة التي منحنا إياها المولى عز وجل للبناء لا للهدم. الحياة التي منحنا إياها للشكر على نعمائه لكننا نحولها دائماً إلى فكرة الهزيمة والانتصار على مدى مئات السنين من قيام الحروب بين شعوب العالم قاطبة ما الذي بقي بعد القتل والكراهية؟ بقيت الحضارات التي طورت العلم وسارت به إلى مناخات أكثر رحابة لصالح الإنسانية، العلم له يا سيدي العاشق المفلس في هذا البيت وجهان وجه جميل ورائع والذي كان أثراً من نظرة العين والجفن الذي يعلّم الغزل والحلم الذي يكره الوجه والجفن والغزل أعتقد أن الشاعر كان في فورة شبابه وعزة قوته وإلا لماذا (في جحيم من القُبل) والتي جاءت في تلك القصيدة؟ التفت إلي وقال بحنق بالغ: الشرهة على من ينشدك شعراً. وسلامتكم.