-1- قال صاحبي ( المناكف ) : أريد أن أتصدّق عليك بفكرة ، تكتب عنها . قلت : هاتها ، إن كانت فكرة (حرّاقة) بجنون .! قال : ها أنت تعترف بأنك (مجنون) !! قلت : فقط بالقدر اليسير، الذي يحقق (ذاتي) .. ويرضي طموحاتي . قال : " ذات المجانين .. بئست الذات والطموحات " ..! قلت : وهل رأيتني أمشي على يديّ بدلا عن رجليّ ..أو (أرقّص حواجبي ) على (الكورنيش) وفي شارع ( التحلية) ؟! الأمور نسبية يا صحبي .. " لا نسبية ، ولا فوزية .. الجنون ما فيه نص ونص .. يا مجنون ، يا صاحي .. وعلى فكرة ..! - " خيرْ " ؟ " لا .. ما هو خيرْ " .! ورسم على شفتيه ابتسامة ماكرة ، وبرقت من عينيه نظرة تشفّ ، وأضاف " تراني شفتك تكلم نفسك ، وتضحك للمراية .!! وماذا في ذلك ..ها أنا أكلمك وأنا أختلف معك ، فكيف لا أكلم نفسي وأنا متصالح معها .. فهل أنت أبدى لي من نفسي ؟! -2- طاوعني ، كلّم نفسك مثلي ، وطالع في المراية .. واسمع هذا الكلام الذي قاله لي من أثق بقواه العقلية : " إذا لم تعش النضج ستفوتك مرحلته .. وإذا لم تعش الجنون ستفوتك الحياة " .. فما رأيك أنت يا صاحبي ؟! " هذا مجنون آخر ، وأنا بالمجانين أول من يعلم " .! " أنت أول من يعلم .. وآخر من يفهم " .!! تذكّر ( يا صاحبي ) أنني قلت ، هذه الجملة (الاسميّة) ، التي تنتهي بفعل مضارع : " أنا أكتب .. إذن أنا أعيش " .! الكتابة بالنسبة لي أنفاس معدودة .. شهيق وزفير .. فكيف تريدني أن أتنفس برئتيك ومنخريك ؟! أنا أكتب في اللحظة التي أنا فيها .. أكتب ما أحس به الآن .. ما أشعر به الآن ..ما يشغلني الآن .! بالله عليك ، كيف أكتب لك عن (الحزن ) وأنا ( فرحان ) .. أو الفرح وأنا حزين .. كيف أكتب لك عن القمر في (الرمضاء) .. أو النجوم ، والشمس في كبد السماء ؟! *** عندها نتمرد على سطوة الأسْر ، نرتفع بذاتنا .. فنعلو .. ونعلو.. ونعلو .. تشف مادتنا حتى تغدو مثل ( كريستالة ) صافية نقية .. تنبعث منها كل ألوان الطيف .. فلا يليق بنا حينها إلا أن نتوسد النجمات .! الروح هي التي ترفع الجسد يا ( صاحبي ) ، وليس اللحم والدم والعضلات .! *** هذا كلام قديم .. توفرت له كل أسباب البقاء .. فإذا كان ( الخط يبقى زمانا بعد كاتبه ) ، فإن ( وجدان الإنسان ) لا يضيق به زمان ولا مكان : -3- مال واحْتجب .. وادّعى الغضبْ ليت هاجري .. يشرح السّببْ .. عتبه رضا .. ليْته عتبْ علَ بيننا .. واشياً كذبْ .. كلّما مشى .. أخجل القضبْ بين عينيه .. و" المها " نسبْ .!