عامل دهانات يدهن المدخل الخلفي لأحد الفنادق في دبي على ارتفاع لايتجاوز اربعة امتار ومثبت بحزام حول خصره وعلى رأسه خوذة لحمايته في حال سقوطه من مكانه على الأرض.. تذكرت هذا الموقف وأنا أرصد بعض المشاهد التي مررت بها قبل أيام، يتجلى فيها الاهمال الواضح من المقاولين والعمال وأرباب العمل ونحن كأفراد بالاضافة الى الجهات الرقابية ان كانت تراقب. المشهد الأول .. عمارة في جدة يقوم صاحبها بزيادة عدد الأدوار وأحد العمال يركب حجر الواجهة في الدور الثالث وبارتفاع لايقل عن تسعة أمتار وهو يعتلي سقالة قديمة مركب عليها خشب تفتقد الى أبسط قواعد السلامة ويعمل بدون تثبيت، والكارثة ستقع في حال فقده للتوازن او حصول اغماء لانه سيقع على الأرض او على الحجر المتكدس أسفل العمارة. المشهد الثاني .. شقة في مجمع سكني مجاورة لنا احترقت، أصحاب الشقة من النساء جميعهم هربوا من الباب الامامي تاركين وراءهم الاطفال من شدة الخوف وكثافة الدخان المنبعث من الغرفة الرئيسية، ولم يخرجهم الا عناية الله سبحانه وتعالى ثم شجاعة بعض الجيران الذين هبوا لمساعدة أصحاب البيت في اخراج الأطفال مع وصول الدفاع المدني الذي لم يكن بعيدا، والحمد لله ان الحريق الذي تسبب فيه مكيف غرفة النوم الرئيسية لم يكن في احدى الغرف الامامية مثل الجلوس والا لحدثت كارثة لان الباب الرئيسي هو المخرج الوحيد. المشهد الثالث .. فندق خمس نجوم من أكبر الفنادق في جدة وأكثرها نشاطا وتعقد فيه المؤتمرات والندوات وتقام فيه الدورات والأعراس ويوجد به قبو على مساحة كبيرة يستخدم كمواقف للسيارات التي تكتظ به ليل نهار في معظم الأيام ، هذا القبو يوجد به أجزاء تستخدم كغرف اعتقد أنها سكنية للعمال أو مخازن وبها مكيفات تنفخ الهواء الحار داخل القبو على الأسلاك والمواسير والتمديدات الكهربائية ومستخدمي المواقف، ماحجم الكارثة على الأفراد والسيارات لو حدث التماس كهربائي لاسمح الله؟ أكتفي بهذه المشاهد، وأعتقد ان الإخوة القراء لديهم الكثير وليس ما يخص القطاع العقاري وأنشطته فقط وانما في جميع ممارساتنا اليومية، والتي تدل على انعدام الوعي بأهمية وسائل السلامة وتأمينها والعمل بها وتدريب أبنائنا عليها. قواعد وشروط السلامة موجودة ولاينقصنا سوى التطبيق والتشديد على ذلك، فمثلا يوجد بعض المواطنين والشركات العقارية المطورة التي تحرص على توفير مخارج خلفية للطوارئ في الوحدات السكنية وتأمين أجهزة اطفاء الحرائق التي تركب في الأسقف، وتأمين طفايات الحرائق اليدوية في المنازل. المطلوب من الجهات الرقابية وخصوصا مندوبي الأمانة الذين ينشغلون في مراقبة زيادة الملاحق والأدوار أن يبادروا مع الجهات الحكومية الأخرى في مراقبة أعمال البناء والتأكد من تطبيق قواعد السلامة على العمال والوحدات السكنية. مشاهدة أخيرة وهي ان بعض الأفراد والمقاولين يستعينون بعمالة مخالفة لنظام العمل والاقامة وبالذات في جدة دون تفكير بتبعيات هذه المخالفة، والسبب سهولة الحصول عليهم وتوفيرا للتكلفة.