أعلم أن اقتراحي هذا سوف لا يجد الكثير من القبول. ربما وجد بعض التشجيع، أو على الأقل إبقاءه في دائرة التفكير. هذا الاقتراح هو إدخال مادة إجبارية تبدأ من الصفوف المتوسطة، ولنسمّها "الصيانة المنزلية". وقد يأتي من يقول: أتريدون أن يتخرج ابني سباكا؟ والجواب بالنفي. نريد أن يتعلم شيئا نافعا يُغنيه وأهله عن حاجة دخول الأغراب إلى أركان وزوايا المنزل من أجل عمل بسيط، آمن وسهل. وتوفير المال. في الغرب –وأنا متأكد من بريطانيا- توجد مادة اختيارية يمكن للطالب تضمينها في المواد التي تؤهله للدخول إلى الجامعة، وتُرصد له كمصدر أولوية. هذه المادة اسمها "اعملها بنفسك" أو بالإنجليزية (دو إت يورسيلف) DIY. مادة واسعة جدّا يدخل من ضمنها فرع اسمه "صيانة منزلية" أو (هاوس مينتينانس). والذين سكنوا مع أُسر بريطانية أو تعرفوا على شئونها سيلاحظون قلة، أو عدم زيارات عمال صيانة. الطالب -عندهم- عندما يتعلم المادة، نجدهُ حتى لو تخرّج طبيبا أو محاميا أو محاسبا أو رجل أعمال، يختزن معلومات عجيبة عن منزله. ولو حدث أن استدعى شركة صيانة لأمر يحتاج إلى مهارة، نجده يُناقش القادمين بالمواد وأنواعها وأسعارها، وأن هذا "السن" -الصامولة، الذي في المطبخ هو مسنن بطريقة مختلفة، عن كذا، وهو من إنتاج كذا. وربما تجاوز رب العمل (صاحب المنزل) عقبات مالية في ذكر المواد الجيدة لشركة الصيانة واشترطها في العقد. الرجل الذي يتعامل بهذه النزعة المعرفية لم يقل لنفسه: لن آخذ مادة "افعل الأمر بنفسك" اختصارا (DIY). لأنني لن أتخرّج سباكا أو دهانا. أخذ المادة لإدارة حياته ومنزله وأسرته بشكل أفضل. الكثير منا في هذه البلاد لا يعرف حتى نوعية المواد التي يجلبها السباك أو الكهربائي إلى منزله، ولا قدرتها ولا أثمانها ولا عمرها. وثقوا أن مصاريف عائلية كبيرة تدفعها الأسر مقابل مواد وقطع للجهاز العاطل مقلدة أو مُعاد استعمالها. ولن يتّضح هذا الغش للناظر العادي إلا بعد أن تتكرر المشكلة أو تحدث كارثة أو ضرر. في المدن الكبرى في العالم توجد مخازن كُبرى متخصصة في بيع كل ما له صلة بمهارة (اعمل الأمر بنفسك) أو (DIY) وتجد روادها من نخبة المجتمع المحلي – وليسوا سباكين ولا دهانين. لكن الملاحظ أن تلك المخازن تندر في منطقتنا، لأن الشركات الصانعة تعلم أننا لا نفكر في أمور كهذه.