ثمن متخصصون بشؤون الاقتصاد دور السياحة في تعزيز ركائز التنمية في البلاد والمنطقة، واعتبار المنتج السياحي المرموق أحد الرساميل المضمونة في وقت اشتداد الأزمات الاقتصادية الطارئة، ووضوح ذلك بشكل جلي في الاتجاه الدولي الجديد نحو الاعتناء بالسياحة، وجميع القطاعات الداعمة لها من الفنادق والمنتجعات، والسياسات الخاصة التي ترسم ملامح الترويج في ضوء الصداقة البيئية، والتظاهرات العلمية والثقافية والسياسية والفنية والرياضية التي تحتضنها الدول لتوفير مناخ سياحي جاذب ومنافس يستقطب إليه المستثمر والسائح من أنحاء العالم كافة. وتؤكد الإحصاءات الحديثة أن المنطقة الخليجية تمضي قدماً لجعل الاهتمام بالقطاع السياحي أولوية استثمارية متقدمة، وخصصت من أجل هذا الغرض نحو تريليون و400 مليون درهم لتطوير مشاريع سياحية تمتد إلى عقد كامل ابتداء منذ العام 2005، بينها 265 بليون درهم حصة الإمارات وحدها التي سجل إنفاقها السياحي 85% من إجمالي النفقات الخليجية، واعتلاؤها المرتبة الأولى في تطوير الفنادق في الشرق الأوسط بتطوير 253 فندقاً تم إدخال عدد كبير منها إلى الخدمة، ليرسم مسارات تقديرية لحجم صناعة السفر في الإمارات لوحدها إلى نحو 200 مليار درهم بعد عقد من الزمان. كما تستعد دول الخليج لبدء عهد جديد يجعلها في مصاف القوى الاقتصادية المتفوقة ذات التصنيف المرموق بين أكبر 15 اقتصاداً في العالم خلال السنوات العشرين المقبلة، وعلى تقدير أن تبلغ اسعار النفط بواقع 70 دولاراً للبرميل، فمن الممكن أن تحصد ايرادات تزيد على 6 ترليونات دولار بحلول عام 2020 أي ما يعادل ثلاثة أضعاف ايراداتها من النفط خلال الفترة الممتدة بين الأعوام 1993-2006 وهو مايدفع بإمكانية تحقيق تطور شامل يتربع القطاع السياحي في مقدمته. وقال محمد علي النومان المدير العام لهيئة الإنماء التجاري والسياحي في الشارقة: "تداخلت عوامل عدة لتثبت أن السياحة تستحق أن يطلق عليها لقب النفط الذي لاينضب، فمن خلال متابعة ايراداتها في دولة الإمارات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة لغاية العام 2009 نجد أنها سجلت 180 مليار درهم، بواقع 60 مليار درهم خلال العام 2006، وارتفعت 10 مليارات درهم بعد عام واحد في 2007 لتصل إلى 70 مليار درهم، ثم حققت في العام 2008 مايزيد على 50 مليار درهم برغم ضراوة الأزمة، في حصيلة عدها مراقبون مؤشراً قوياً على محدودية تأثير الأزمات العالمية المختلفة على حركة السياحة، لاسيما وأنها تتمتع بنسبة نمو عالمي يتجاوز 10% سنوياً . ويؤكد النومان أهمية العامل الثاني في تحديد دور السياحة في نمو الحركة الاقتصادية في البلاد، حيث أثبتت السياحة أنها الملاذ الاستثماري الآمن وقت اشتداد الأزمات، والأقل تأثراً بالمفاجآت ذات النطاق العالمي، وتستطيع أن تقلب النتيجة إلى صالحها بصورة لافتة، فبعد وطأة الأزمة المالية اشتدت المخاوف من انتشار أمراض وأوبئة عصرية جديدة، عكست عزوف السياح عن السياحة الخارجية، فقفز إلى السطح الدور الكبير للسياحة الداخلية في استقطاب شرائح كبيرة رفعت من نسبتهم الى الضعفين لتصل إلى 31% ارتفاعا من 11%، لفئات فضلت اختيار البلاد على سواها، يدعمها في ذلك مقومات مدروسة أبرزها التعامل المرموق للدولة مع ملف السياحة . ويأتي استقطاب الأعداد الهائلة من الأيدي العاملة في المرتبة الثالثة التي تبرز دور السياحة في تعزيز الأمن الاجتماعي بالقضاء على معدلات البطالة المتصاعدة عالمياً، وتنسجم مع مؤشرات نمو اقتصاد الدولة وتسجيله مرتبة متقدمة بين المراتب العشرين الأولى على مقياس الحرية الاقتصادية الذي يغطي الفعاليات الاقتصادية ل 162 دولة.