قبل 65 مليون عام لم يكن الانسان موجودا على سطح الارض ولكن الحياة كانت متنوعة الى حد كبير .. كانت الديناصورات هى العنصر المسيطر برا وجوا وبحرا ثم اختفت بدون مقدمات واختفى معها 90% من كائنات الارض.. وظل هذا الانقراض المفاجئ لغزا حتى اكتشف العلماء ان كويكبا صغيرا ضرب الارض وأحدث حفرة عملاقة فى شبه جزيرة يوكوتان فى المكسيك تسبب فى هذه الابادة الجماعية. ورغم ان الحادث كان محدودا (نجم عنه خليج المكسيك الحالي) إلا انه اثر على النظام البيئى والمناخى لكامل الارض بحث عجزت معظم الكائنات عن التأقلم معه والعيش بعده!! والمدهش ان العلماء سجلوا انقراضات صغيرة مماثلة نتجت عن (200) ارتطام مشابهة منذ ذلك الحين. وفى كل مرة كان الارتطام يأتى فى زمن محسوب وكان حجم الانقراض يتناسب مع حجم الصدمة .. وحتى يومنا هذا ليس من المستبعد ارتطام أحد الاجرام الضخمة بالارض وتكرار ما حدث للديناصورات ؛ فرغم غلافنا الجوي يتكفل بحرق معظم النيازك والمذنبات المتساقطة نحونا؛ إلا أن هناك نيازك واجراما اكبر وأضخم من ان تتلاشى فور دخولها المجال الجوى (وبالتالي يمكنها التسبب بأضرار كبيرة) . فسقوط جرم بطول تسعين مترا يعادل مفعول قنبلة نووية ، وارتطام نيزك يتراوح قطره بين 1-2 كلم سيتسبب بظلام طويل وبرد قارس تفشل معه المحاصيل الزراعية. اما ارتطام كويكب بقطر يزيد على الخمسة كيلومترات فقد يتسبب بانقراض شامل شبيه بالذي حصل قبل 65 مليون عام (ولكن هذه المرة بوجود الانسان) !! ويخطئ من يظن ان حوادث كهذه تتعلق بالعصور القديمة فقط ؛ فخلال العقدين الماضيين مثلا كاد يرتطم بالأرض أكثر من 21 مذنبا كبيرا .. ففي 17 يناير 1991 اقترب مذنب قطره 9 أمتار على مسافة 100 الف ميل. وفى 20 مايو 1993 اقترب مذنب قطره 11 مترا على مسافة 80 الف ميل. وفى عام 1994 مر مذنبان كبيرا على مسافة 100 ميل . وقبل أعوام قليلة انطلق نحونا كويكب شارد يدعى "توتاتيس" قبل ان ينحرف عنها على بعد 5003 كلم (وهو ما يعتبر بالمقاييس الفضائيه انحرافا بمقدار شعره) !! ويمكن القول اختصارا إن الأرض مهددة بأكثر من 4000 نيزك ومذنب (يزيد قطرها على واحد كلم) تترتب في قوائم زمنية ونوعية وأكثرها ضررا . وكان علماء الفلك قد تبنوا في عام 1999 مقياسا للدمار وتضرر الحياة الذي يمكن أن تسببه هذه النيازك عرف باسم "سلم تورينو" (Torino Scale ) . وأكثر النيازك خطورة (في هذه القائمة) يدعى VD17 يتوقع ارتطامه بالأرض في مايو 2102 . وهو من الضخامة بحيث يمكن أن ينتهي بإبادة نسبة كبيرة من مظاهر الحياة الحالية وموت ملايين البشر في حال تسببه بتداعيات بيئية ومناخية كبيرة !! .. وفى الحقيقة ان حفظ الارض من الاجرام السيارة أمر يدعوا الى التفكير والتأمل كون حوادث الارتطام السماوى أمورا معتادة في الكون .. إذ يكفى أن تنظر مثلا الى القمر لترى الآثار التى رسمتها على سطحه النيازك والمذنبات الشاردة كما يكفي أن تحسب عدد النيازك والمذنبات التي تخطئ كل ليلة مدننا يمينا أو شمالا أو تحترق فوقها بكيلومترات قليلة .. كل مافي الأمر أن أعمارنا أقل وأصغر من معاصرة كارثة فلكية من هذا النوع ...