قرأت قبل أيام خبراً عن سقوط نيزك صغير في نيوزلندا وتدميره لأحد المنازل بشكل كامل.. والجديد هنا ليس سقوط النيزك ذاته بل وصوله إلى (سطح الأرض) وسقوطه فوق منطقة مأهولة بالسكان.. فكوكب الأرض - مثل كل الأجرام السماوية - يتلقى في كل ثانية آلاف النيازك والمذنبات المتساقطة ولكننا لا نشعر بها لسببين.. الأول أن غلافنا الجوي يحرق معظمها قبل وصولها إلينا (الأمر الذي يفسر الشهب المضيئة التي نراها ليلا) والثاني أن 99% مما يتبقى منها يسقط فوق مناطق خالية وغير مأهولة بالسكان !! ورغم أن المنزل المنكوب كان خاليا من أهله عند سقوط النيزك ؛ إلا أن الأمور لم تكن دائما بهذا القدر من الحظ.. ففي عام 2005مثلا توفي 112إنساناً بسبب سقوط مذنبات ونيازك فضائية قد لا يزيد حجم ما يتبقى منها على "حبة العنب".. وأول حالة موثقة رصدتها جمعية الفضاء الأمريكية حدثت في 29فبراير 1945حين أصبحت ربة البيت إليزابيث هودج أول شخص معروف في التاريخ يموت بسبب نيزك اخترق سقف منزلها في ولاية تكساس ! ... وحين أقرأ شخصيا عن مثل هذه الحوادث أتساءل إن كانت هي "الكسف" المعنية في قوله تعالى (إن نشأ نخسف بهم الأرض او نسقط عليهم كسفاً من السماء).. فالأرض تتلقى كل يوم آلاف الأطنان من المواد والأجرام الفضائية المتساقطة (بما في ذلك الغبار والجليد الكوني الذي يرفع وزنها بمقدار 200طن باليوم).. غير أن معظم هذه الأجسام لا تصل إلى حيث يعيش البشر كخاصية تميز كوكبنا عن بقية الكواكب المعروفة.. ومع هذا قد يتمتع بعضها بحجم ضخم وهائل لدرجة صعوبة احتراقها بالكامل - وبالتالي - تنجح أجزاء منها في الوصول لسطح الأرض.. وفي هذه الحالة يمكن لنيزك قطره كيلومتر واحد (يضرب الأرض بزاوية 45درجة) أن يسبب دمارا يعادل 50ألف قنبلة نووية كالتي دمرت هيروشيما. واحتمالات كهذه ليست نادرة أو فريدة كون تاريخ الأرض يثبت حدوثها بشكل دوري تنتهي في كل مرة بانقراض نسبة كبيرة من الكائنات الحية.. وكنت قد كتبت - قبل بضعة أعوام - مقالاً عن أشهر حادثة ارتطام فضائي وقعت في عصرنا الحديث.. ففي يونيو 1908سقط فوق سيبيريا مذنب ضخم احدث دمارا قطره 230كلم فى منطقة جليدية خالية من السكان.. ولو كانت الارض أبكر بدورتها بست ساعات فقط لمحا المذنب مدينة سانت بيترسبورج من الوجود .. ولو كانت ابكر بنصف يوم لدمر مدينة نيويورك أو نيوجرسي بالكامل.. وبعد هذه الحادثة بتسعين عاماً اقترب من كوكبنا مذنب قطره 5000متر (كانت الارض بأكملها في الموقع الذى مر به قبل ست ساعات فقط).. وفى عام 1991اقترب نيزك قطره 9كلم على مسافة 100الف ميل ! وفى 1993اقترب مذنب قطره 11كلم على مسافة 80الف ميل ! وفي 2003اقترب نيزك معروف يدعى TR3 لمسافة تقل عن 9.5ملايين كل!! ... ومعظم هذه "الكِسف" كانت قادرة على إنهاء مظاهر الحياة على الأرض (كما فعلت ذلك 200مرة من قبل) لو شاء لها الله ذلك !!