ما يحدث في الوسائل الإعلامية عامة وبعض القنوات الفضائية خاصة من حوارات هوائية هي في مضمونها حوارات سطحية عابثة تعدى بعضها الحوار الإيجابي الذي يهدف إلى إنتاج الحلول إلى تهريج جعلنا (فضيحة) أمام الملأ وأضحوكة لهم، يكشف الضيوف وهم بكامل وعيهم ما خفي، في وقت كان يجب أن يستر، لأنه ما كل ما يعلم يقال، وأمام إغراء الشهرة لا يستطيعون إمساك ألسنتهم، فيقلبون الحوار إلى مهاترات.. تكمن المشكلة في تسابق القنوات الفضائية إلى استضافة أشخاص بقصد الإثارة لكسب المشاهدين، وتجلى هذا في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ بعد أن ولدت الكثير من القنوات الفضائية، وأمست المسابقات الرياضية لدينا مرتعا خصبا يقتات منها طالبو الشبع الراغبون في تكوين الثروات بغض النظر عن ماهيتها! أمام الفوضى الكلامية والانفلات الحواري هزمت الأعراف الإعلامية وأمست العملية عبارة عن استدراج للأشخاص الذين يحملون مؤهل (التعصب)، وهو مؤهل كاف للمرور إلى القنوات التلفزيونية. لقد حلت الإثارة السلبية فاحتلت مساحات الإعلام، ولأن (الكثرة تغلب الشجاعة) رحل أرباب الفكر النظيف ولم يعد للرأي الهادف قيمة، فضل الراقون فكرا ترك الملعب وصعدوا إلى المدرجات يتفرجون، فقد أدركوا أن الدور الإصلاحي لن يقف على قدميه طالما أن: ولو ألف بان خلفه هادم كفى فكيف ببان خلفه ألف هادم؟! إن ترك الحبل على الغارب سببه الأول انكسار القيود الرقابية، لم يعد للجهات المسؤولية يد توقف الزبد، وإزاء هذا المد الجارف من المواد الإعلامية لا يختلف ما يطرح من مواد بين وسيلة إعلامية يفترض أن تخضع للرقابة وبين موقع انترنتي يكتب في منتدياته الجميع، بل إن بعض القنوات تفوقت من حيث الإسفاف والطرح السطحي والإساءة وكشف الفضائح على المنتديات، وصار من يخرج إلى المشاهد باسمه وصوته وصورته يفوز في مباريات حاسمة مع آخر يكتب في منتدى باسمه المستعار، ليست المشكلة في خروج عن النص يحدث كثيرا، بل في عبارات ساقطة تذكر، وتضليل يمارس، وشتائم توجه، والضحية دائما هي الرياضة السعودية، وبسبب سطحية الموجِّه تسطح الموجَّه الذي هو المشاهد المغلوب على أمره، وبالذات المشاهد صغير السن صاحب العقل اللين، إن شخصا يرضع التعصب منذ نعومة أظفاره سيكون قائداً للتعصب حينما يكبر، ووسيلة تقوم بدور المرضع ستتحمل وزر احتقان المجتمع الرياضي، وستحل أزمة مستقبلية سيصعب حلها.