قبل رمضان من كل عام تحشد كل القنوات الفضائية طاقاتها وجهدها لكي تنتج المسلسلات والمسابقات وكل ما يمكن أن يجذب الجمهور في الفترة الذهبية خصوصا وما بعدها، وكانت الإعلانات المكثفة بلا كلل أو ملل هي المسيطرة، وهذا حق كل قناة لكي تحظى بأكبر شريحة ممكنة من الجمهور وبالتالي الإعلانات والرعاية التي ستدر الملايين لها،وهذا حقها أيضا، فلا قنوات ستستمر بدون ضخ مالي وربح محقق إلا أن يكون هناك دعم حكومي لا يتوقف، وهذا لا يحدث في معظم القنوات الفضائية في الغالب. هذا العام وقبل رمضان كان هناك تسويق وزخم إعلامي كبير لمسلسلين سعوديين وغيرهما وهما "كلنا عيال قرية" و"بيني وبينك"، ولأن الانتاج "السعودي" قليل ونادر، أصبحنا نتلمس من خلال هذين المسلسلين شيئا من الأنتاج الوطني الذي يكون أقرب لبيئتنا ومجتمعنا ويحاكي ظروف المجتمع من نقد أو تقييم أو ظروف اجتماعية يتم معالجتها بقالب راقٍ وفني يحترم الجمهور بمختلف شرائحة، فهناك العالم والدكتور والطالب والطالبة ورجل الأعمال والمعلم والمعلمة وأخيرا الأهم الأطفال الذين هم أكثر انجذابا لهذه المسلسلات بدون تمييز عن ما يتم تمريره أو قوله، ومن يشاهد هذه المسلسلات هم المجتمع كله بمختلف شرائحة أو نسبة كبيرة منها. من شاهد مسلسلي "كلنا عيال قرية" و"بيني وبينك" يتأسف جدا لما يحدث بهاذين المسلسلين من اسفاف كبير وعبارات نخجل من ذكرها هنا وترديدها، عبارات لا يمكن أن تقال أبدا في أي مكان لا في ملاعب الكرة ولا الشوارع والأسواق والأزقه والمقاهي ودفع مقابلها الملايين، لا يمكن أن تمر هذه العبارات التي تقال بمسلسل يعرض بوقت "ذهبي" الجميع يشاهدة في البداية ويسمع ما يمرر من عبارات حتى الممثل نفسه لا يمكن أن يقولها لابنه أو زوجته أو حتى السائق والخادم لديه أو من يسير بجوار بيتك ينظف الشارع وكل هذا كلف ملايين الريالات لأنتاجه وتسويقة. أين احترام المشاهد والرقي في العبارات والكلمات، لماذا نظهر بمسلسلات "نتسول" إضحاك المشاهد؟ لماذا نظهر بمسلسلات يكون فيها الممثل "أهبل أو يستهبل" لكي يضحك المشاهد؟ لم اشاهد ممثلا سعوديا واحدا في هذين المسلسلين أو الشخصيات التي تظهر يمكن أن تظهر بشخصيتها "الحقيقية" وتستطيع أن تكون كوميدية حقيقية راقية، تذكرت نجيب الريحاني واسماعيل ياسين ويوسف وهبي وعادل خيري وعبدالحسين الرضا وخالد النفيسي وغيرهم، من يحترم المشاهد قبل أن ينطق بكلمة واحدة، الكوميديا لا تعني "التهريج" و"الإسفاف" و"عبارات متدنية" و"كلمات سوقية" و"ملابس مهرج" الكوميديا نشاهدها وتضحكنا وراقية في مختلف دول العالم وقنواتها أجنبية وعربية لكن ليس بطريقة "كلنا عيال قرية" و"بيني وبينك"للأسف، تمنيت أن يحترموا عقولنا وعائلاتنا ومجتمعنا وبيئتنا وما بقي لنا من احترام في الخارج، لست ناقدا فنيا ولا أدعي المعرفة، ولكن تأسف لعبارات مؤلمة نسمعها ويشاهدها أطفال بعمر الزهور وشباب مراهقين، ورجال أجلاء وسيدات راقيات وكل المجتمع أيا كان تخجل من ذكرها. ضخ ملايين بتسويق وتصوير وأجور ممثلين وإنتاج وزخم هائل وإعلانات لا تنتهي بتهريج وإسفاف مؤلم، ولكن حقيقة كسبوا المال وخسروا الجمهرو للأبد والمتلقي كثيرا بالتسول والاستجداء للكوميديا عنوة من أفواه المشاهدين، وليتهم يدركون كم خسروا قبل أن يربحوا المال.