لم ندرك خطورة تكدس الفصول التي يصل أعداد طلبتها إلى خمسين طالبا إلا في هذه الأيام التي انتشر فيها وباء إنفلونزا الخنازير مع أنه هو المسؤول عن تأخر التعليم في بلادنا وتفريغه من اي محتوى ، وبالتالي تخريج أنصاف متعلمين وأميين ، ففي ظل هذا التكدس تنقطع العلاقة بين المدرس والتلميذ بحيث لا يكون هناك مُلقٍ ومتلقٍ يتفاعل معه ويستوضحه ، بل ويناقشه ، ولو وضع جهاز تسجيل لقام بدور المعلم ، أي أن التكدس ألغى دور المعلم ، ووجوده ، وبدون المعلم لا يمكن للطالب أن يستوعب المعلومة ويتفهمها ويعرضها على جميع وجوهها الأمر الذي يمكنه من الاستحواذ عليها وهضمها ، ولهذا تحول نظام التعليم إلى نوع من التلقين والحفظ بدون فهم ، هذه مسالة والمسألة الثانية أن وجود التكدس يحول بين المعلم وإعطاء تلاميذه واجبات منزلية وهي الوسيلة الوحيدة التي تمكنه من معرفة ما إذا كان الطالب قد استوعب الدرس أم لا ، ومعنى إعطائهم واجبات منزلية أن يصحح خمسين إجابة وهذا مستحيل خاصة إذا كان يدرس أكثر من فصل وأكثر من مادة ، ولهذا إذا أردنا للتعليم أن يتقدم فإن أول شيء يجب أن نفعله هو إلغاء تكدس الفصول واقتصار الفصل على عشرين طالبا . كثر الكلام واللغط حول لقاح إنفلونزا الخنازير ، وشكك البعض في فعاليته ، كما تخوف الآخرون من آثاره الجانبية ، وأنا لست خبيرا في هذا الموضوع ولكن طبيبي في باريس نصحني بعدم أخذه ، ولهذا يجب أن نجري مزيدا من الأبحاث والمشاورات مع الهيئات الصحية العالمية قبل تعميمه على جميع المواطنين .