( حلوة الجوف ) النخلة التي تحتل مكانة عالية عند الجوفيين وتعد واحدة من اشهر نخيل الجزيرة العربية وأطيبها على الاطلاق ومنطقة الشمال عموماً تشتهر بأنواع ( الحلا ) جمع حلوة ، وتحمل في الغالب اسماء بعض المدن والمحافظات لكن تبقى حلوة الجوف هي الاكثر شهرة وقد ارتبطت بتاريخ منطقة الجوف، الا ان احد الاخوة من الجوف ذكر لي ان في الجوف وحدها عدة انواع من الحلا الشبيهة بالحلوة الحقيقة وتكاد الحلوة الحقيقية المعروفة ان تنحصر لدى مزارعين محدودين ، وهو منزعج من حالة الغش عند من لايعرفونها والخلط بين حلوة الجوف وانواع أخرى شبيهة . ولا يزال بعض اهل الشمال يتمسكون بوحدة القياس القديمة ويبيعونها ب ( الصاع ) وشاهدت لقاء قبل فترة عن احدى حلا الشمال ذكر الضيف ان الصاع للحلوة الاصلية يتجاوز سعره الخمسمائة ريال الليدي آن بلنت الرحالة الانجليزية التي مكثت في الجوف عام 1879م بضعة ايام تحدثت لنا عن هذه الحلوة التي قالت عنها حلاوة الجوف وتوقعت انه بالامكان ان نستخلص أو نصنع منها السكر العادي وقالت آن بلنت في كتابها رحلة الى بلاد نجد في احدى يومياتها والتي اشارت انها لا تستطيع كتابتها الا على ضوء القمر بسبب الرقابة الشديدة وحالة الحذر التي كانت تدور حولها : عشاؤنا الليلة كان مؤلفاً من لحم الضأن وثلاثة أنواع أخرى – بينها نوع من المرق الذي يشبعه الصمغ الذي يلصق به الورق والثاني زبدة مع البصل والثالث خبز منقوع في الماء – كلها رديئة ما عدى الخروف ، الا انه كان هناك نوع رابع هو عبارة عن شريحة من (البقر الوحشي ) أرجح انه الوعل الذي أحضر من النفود وقد شوي في الرمال وهو من اطيب اللحوم التي تذوقتها في حياتي . في المساء أقيمة حفلة رقص وغناء شارك فيها دواس والجنود وقد أدوا نوعاً من الرقص بالسيف، وكان أحدهم يدق على طبل مصنوع من خشب النخيل وجلد الخيل ، فيما رفع الاخرون سيوفهم فوق أكتافهم وراحوا يغنون ويرقصون بجدية . ومن حين الى الاخر كانت السيوف تجرد وتسمع صرخة كتلك التي يطلقها الصيادون عندنا وحين انتهى الرقص احضر إلينا دبس الخروب وعصير الترنغ ( الترنج ) الشبيه بعصير الليمون . ها نحن في هدوء خارج القصر الذي يغلق خلال الليل ، ولنا الحرية ان نكتب او نرسم في ضوء القمر ، وهي اشياء لاتجرؤ على أن تقوم بها الا في ضوء القمر . في السابع من كانون الثاني / يناير – هذا الصباح عاد دليلنا حمدان الذي كان قد أختفى فجأة دون أثر ، لكي يقبض ما تبقى له من أجر ، وقد قال انه يخشى أهل القصر ولا يستطيع البقاء معنا ، وقد وصل مراسل من مسكاكة ( سكاكا ) ومعه دعوة لنا من جوهر ، وسوف نذهب الى هناك غداً لكننا لن نحل هناك على جوهر ( حاكم الجوف ) لأنه لا بيت له هناك بل الى بيت نصر بن عروق الذي عرف بوجودنا فأرسل ابنه الينا وهو شاب مهذب ومتواضع . قمنا هذا الصباح ببعض زيارات وداعية الى حسين واثنين من وجهاء البلدة . ويقول حسين ان عائلة بيت هبوب التي ذكرها في كتاباته وليم بالغريف موجودة فعلاً لكن من أهم العائلات هنا هي عائلة محسن بن ديرة . وابن ديره ليس مسروراً إطلاقاً بالوضع السياسي بالجوف ، لكنه لا يجرؤ على ان يظهر أكثر من التذمر المكبوت . وقد قدم لنا الطعام والقهوة مع الهال في كل البيوت بلا حساب ، وأكلنا كميات لا حد لها من التمور التي يقال انها حلاوة الجوف ( حلوة الجوف ) وانها الاطيب في الجزيرة العربية ، وان لها طعما رائعاً . لكنها كثيرة السكر ولصيقة ، ويعيش اهالي الجوف تقريباً على التمور ، ولكن ليس على النوع المسمى الحلاوة الذي هو الاكثر ندرة هناك من انواع التمور في الجوف بقدر مالدينا من أنواع التفاح في بساتيننا . وكل واحد يختلف عن الاخر اختلافا شديداً ، والنوع الذي نفضله في الاكلات العادية ذو لون اشقر قليلاً ، قارش وأكثر استدارة من ( الحلاوة ) ومن الخطأ الاعتقاد أن التمور الطازجة هي الافضل . بل العكس تزداد طراوة مع الوقت، وتلك الحلوة تحمل الكثير من السكر بحيث تحول الى عصير حين تطبخ مع وجبة ماء ولا شك لدي انه يمكن استخراج السكر العادي من التمور .