يدين تقرير جولدستون القيادات الإسرائيلية بالعدوان الهمجي على الفلسطينيين المدنيين في قطاع غزة الذي ذهب ضحيته أكثر من 1500 قتيل، وأكثر من 5000 جريح، وهي جريمة تتطلب مثول مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام العدالة الدولية في لاهاي لمحاكمتهم أمام المحكمة الجنائية على جرائم الحرب التي قاموا بها. يجب ان نتعامل مع تقرير جولدستون عند مستواه الطبيعي من قبل كل الأطراف المعنية الفلسطينية والإسرائيلية والعربية والدولية لا شك ان الفلسطنيين قد أخطأوا عندما قبلوا بتأجيل مناقشة تقرير القاضي جولدستون أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ولقد اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بهذا الخطأ وعللته بسرعة اتخاذ القرار الذي أوقعها في سوء التقدير، ولكنها بررت هذا الخطأ وسوء التقدير بانسياقها وراء رغبة الدول الخمس الكبرى أصحاب المقاعد الدائمة في مجلس الأمن والمتمتعة بحق الاعتراض «الفيتو» التي طالبت تأجيل اتخاذ القرار إلى شهر مارس من العام القادم 2010م تفادياً «للفيتو» الاعتراض من قبل إحدى الدول الكبرى، وهو قول باطل لأن أمريكا وبريطانيا وفرنسا هددوا ثلاثتهم باستخدام الفيتو ليحجبوا التهمة والادانة عن إسرائيل، ومع هذه الحقيقة صدرت وعود بأن الانتظار إلى مارس من عام 2010م سيؤدي إلى تفادي معارضة الدول الخمس الكبرى، والحصول على قرار أفضل، ويفسرون ذلك بالقول ان تقرير جولد ستون له وضع متميز عن غيره من القرارات والتقارير، لأنه يثبت الأدلة التي تحول دون الافلات من العقوبة المترتبة على جرائم الحرب الدولية وإحالتها مباشرة إلى مجلس الأمن، والجمعية العامة بالأمم المتحدة، كما يقر لأول مرة في تاريخ المنظمة الدولية إحالة تقرير جولدستون إلى محكمة الجنايات الدولية دون الحاجة إلى تمريره على مجلس الأمن بكل ما في ذلك من موبقات الفيتو الأمريكي الذي يقضى على كل المحاولات الدولية الرامية إلى إدانة إسرائيل بتجريمها أمام الأسرة الدولية. لاشك ان هذا التجريم لإسرائيل أمام الأسرة الدولية يؤدي إلى مردود سيئ عليها في العلاقات الدولية، ولكن تصعيد الخلاف الفلسطيني بكل آثار الانشطار عليه يعرقل كثيراً هذه الإدانة لإسرائيل فوق المسرح العالمي، ويحاول الموقف العربي إعادة الوفاق الفلسطيني حتى يمكن مناقشة تقرير جولدستون بروية وعناية تؤديان إلى فضح إسرائيل أمام المجتمع الدولي. إن تقرير جولدستون مهم للغاية ولكنه ليس التقرير الفريد الوحيد فلقد صدرت قبله العديد من التقارير عن عدوان إسرائيل على الفلسطينيين وجيرانها العرب، وكان أبرز تلك التقارير عن جدار الفصل العنصري الإسرائيلي الذي فرق أراضي الضفة الغربيةالمحتلة، والذي رفعته السلطة الفلسطينية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي التي أصدرت قراراً دولياً ضد هذا العدوان الإسرائيلي غير ان الفلسطينيين لم يتابعوه فحرموا من نتائجه فوق المسرح الفلسطيني. لكن هذا لا يعني انعدام الاهتمام بالمجتمع الدولي أو بمعطيات الرأي العام العالمي لأن كليهما له دور مؤثر على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتدل كل نتائجه أنه يخدم المصلحة الفلسطينية إلى الدرجة التي أخذت ترعب القادة الإسرائيليين إلى الحد الذي جعل الكثير منهم يخشون السفر إلى خارج إسرائيل خوفاً على أنفسهم من الملاحقة الدولية، وأبرز هؤلاء القادة وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك الذي يخشى من الملاحقة الجنائية فوق الأرض الأوروبية وغيره كثيرون من قادة إسرائيل الذين أصبحوا سجناء بها حتى لا يلقى القبض عليهم وتقديمهم إلى المحكمة الجنائية في لاهاي لمساءلتهم عن جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الوجود الفلسطيني فوق الأراضي التي احتلوها منذ عام 1967م ويحاولون فرض الاستعمار الاستيطاني عليها وهي جريمة كبرى بموجب أحكام القانون الدولي العام وتتطلب مثول من يقوم بها أمام العدالة الدولية. يزيد من فعالية هذا الاتجاه الدولي ان الرأي العام في أوروبا وأمريكا يقف بكل قوة ضد عمليات الاستيطان ويطالب هذا الرأي العام الأوروبي الأمريكي بإلغاء الاستيطان المجرم قانوناً والعمل على السلام القائم على الدولتين وثقل هذا الدور للرأي العام الغربي جعل الصحافة الإسرائيلية تتحدث يومياً عن أخطر ما يواجهها ليس المقاومة الفلسطينية، ولكنه موقف الرأي العام الغربي المعادي لها، وتؤكد هذه الصحافة الإسرائيلية ان هذا الخطر على إسرائيل صنعه العقلاء العرب من خلال نزع الشرعية عنها أمام المجتمع الدولي بفضح عدوانها على الفلسطينيين المدنيين العزل الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة في الحياة على أرضهم المحتلة بعد استقلالها وإقامة الدولة الفلسطينية عليها واتخاذ القدسالشرقية عاصمة لها. هذا المطلب في السلام يحتاج إلى موقف فلسطيني موحد يجعل فتح وحماس كتلة واحدة في مواجهة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي يتزعمها حزب تجمع الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يرأس اليوم الوزارة الإسرائيلية ويقف إلى جواره المتطرف وزير الخارجية افيجدور ليبرمان الذي يرفض الدخول في حوار مع الفلسطينيين ويطالب بإعطائهم بعض الضمانات الاقتصادية مع ابقاء أوضاعهم على ما هي عليه، وهذا العدوان الإسرائيلي يتطلب توحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة هذا التطرف الإسرائيلي العدواني الرأي إلى القضاء على الوجود الفلسطيني على الأراضي الفلسطينية المحتلة في سبيل إقامة إسرائيل الكبرى فإذا توحد الموقف الفلسطيني لأصبح في الامكان متابعة تقرير جولدستون الذي يدين القيادات الإسرائيلية بجرائم الحرب في قطاع غزة، ويتم من خلال الموقف الموحد الفلسطيني تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى المحكمة الدولية الجنائية في لاهاي.