دخل الخطيب وسلّم على المصلين ثم أذن المؤذن وبدأت الخطبة. في مسجد يرتجل بعضهم خطبة لاحدود لها إلا حريته. وفي مسجد آخر يتابع قراءة الصفحة تلو الصفحة وتمضي الدقائق تباعا حتى لقد وقَّتُ لبعضهم أكثر من ساعة هرج. كما حاولت أن أقارن وقت الصلاة بوقت الخطبة فوجدت أن مدة الخطبة تفوق مدة الصلاة لدى جميع الخطباء الذين صليت معهم بلا استثناء. فأين تلك الخُطب من خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم صح عنه أن صلاته قصداً وخطبته قصداً. ثم إن الرسول أمر بإطالة الصلاة وتقصير الخطبة. عن عمار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته متنه من فقهه - أي علامة - فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحرا) رواه مسلم. هل نستطيع تقدير مدة الصلاة لكي نحاول أن نحدد وقت الخطبة؟ بالطبع. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ أكثر ما يقرأ في صلاة الجمعة بسورة سبح في الركعة الأولى وبسورة الغاشية في الركعة الثانية. وبرغم أنه صح عنه أنه قرأ بطوال السور فقد صح أنه قرأ كذلك بقصارها. نستنتج من ذلك أن مدة الصلاة في المتوسط هي ذلك الوقت اللازم لتلاوة السورتين مضافا إليه وقت الركوع والسجود والتشهد. أي أنه يتراوح بين 14 إلى عشرين دقيقة حسب تأني الإمام في القراءة. وهذا يعني أن مدة الخطبة يجب أن تقل عن العشرين دقيقة بكثير أي مابين 12 إلى 16 دقيقة. ومن هنا نستنتج أن غالبية خطباء الجمعة يخالفون أمر الرسول وبرغم لفت نظر بعضهم إلى ذلك إلا أنهم لا يأبهون. ويحسبون أنهم يحسنون صنعا. يجب أن لايترك الأمر لهم بل يجب على وزارة الشؤون الإسلامية أن تكون أكثر دقة في تعيين الأئمة وحثهم على تقصير الخطبة، إذ كيف يُعصى رسول الله في بيوت الله.