تلقيت يوم أمس عدداً من اتصالات زملاء.. يتساءلون: هل كتبت موضوع زاوية يوم أمس الثلاثاء بعنوان «لماذا لا يعود لبنان إلى سوريا؟».. لأنك تعتقد أن اللبنانيين يفضلون ذلك..؟ أستغرب جداً هذا الابتعاد الشاطح جداً من قبل هؤلاء الذين تناسوا حقيقة الأوضاع اللبنانية.. ما كتبته يتعلق بلبنان.. لبنان وحده.. ولم أكن وحدي من تواجد في دمشق، هناك عشرات من الإعلاميين، بل ربما مئات.. من مختلف الهويات ومختلف وسائل الإعلام الفضائية والإذاعية والصحفية.. فلماذا لم يكتب واحد منهم ما ذكرته في موضوع الأمس على أنه «خبر».. لولا أن ما كتبته يخصني حول أوضاع لبنان، ولذا فالسبب في طبيعة أوضاع لبنان.. وأن ما ورد في المقال كان استطلاعاً لتلك الأوضاع ولم يكن خبراً يختفي داخل المقال.. ولذا فالخطأ الفادح في الموضوع هو توقيت نشره .. لقد عايشت أوضاع لبنان منذ زمن مبكر.. منذ عصر حكومة كميل شمعون وكانت فترات السلام بين حرب وأخرى ليست إلا فترة هدنة يتم خلالها الاستعداد لانطلاق الحرب الجديدة.. هذا الواقع اللبناني واضح جداً وخسر بسببه لبنان الكثير من الأشخاص والمصالح وتم افتعال زعامات تنشأ وتقوى مع كل هدنة جديدة.. ما مبررات مقتل رفيق الحريري.. الرجل الذي علم شباب اللبنانيين دون اهتمام بالهوية الدينية أو الحزبية..؟ كيف يقتل رينيه معوض في الأيام الأولى من رئاسته..؟ وسيتواصل التساؤل فيما يخص مقتل أشخاص كان وجودهم يعيق مهمة استئناف الحرب الجديدة من أمثال كمال جنبلاط وبيير الجميل وقبله عمه بشير الجميل وجورج حاوي وجبران تويني وباسل الفليحان ورشيد كرامي.. وغيرهم كثير ممن لم يقتلوا وهم مدانون بافتعال إساءات ضد غيرهم ولكنهم قتلوا لأن وجودهم من الممكن أن يعطل قيام حرب جديدة بعد هدنة السلام.. في الواقع كنت أتحدث عن لبنان الذي خسر كثيراًَ من المستثمرين العرب ومثلهم أعداد هائلة من السائحين، والمشهد أمامنا داخله الآن يؤكد وجود عدد من الحكومات داخل شعب نزعت سلطته وتم تقسيمها.. أردت أن أقول إن السلام في لبنان لن يتوفر إلا بفرضه بواسطة قوة من خارجه..