المكاتب العقارية في التجربة الأمريكية تمثل المشتري لا البائع، وتنحاز إليه، فهو الذي يدفع للبائع، كما يدفع العمولة للمكتب العقاري، هو الممول لجميع الأطراف، هذه حقيقة من حقائق الاقتصاد والتمويل لا نستطيع تجاوزها. الوسيط العقاري قد يمثل البائع أو المشتري أو كلاهما معا، وفي دالاس على سبيل المثال يعمل الوسيط العقاري وكيلا للمشتري أي يمثل المشتري فقط، وهو ملزم بإعلامه بالكم المتاح من الوحدات العقارية للحصول على المنزل المراد شراؤه لا المراد بيعه، كما أنه ملزم بالتفاوض مع البائع للحصول على أفضل الشروط والأسعار لصالح المشتري، وتجدر الإشارة هنا إلى الالتزام المهني للوكيل العقاري بسرية المعلومات التي يعرفها عن المشتري. واللافت فى التجربة الأمريكية أن المكتب العقاري يحصل على عمولته من المبلغ الذى يعرضه المشتري وفقا لبيانات العقار المطلوب شراؤه، وليس من المبلغ الذى يعرضه البائع , لذلك فالولاء لديه للمشتري وليس للبائع. نعود إلى المكاتب العقارية في سوق العقارات السعودية، لنجد الوسيط العقاري يمثل البائع، ويوفر للمشتري فقط المعلومات العقارية التى تدعم البائع والسعر الذى يعرضه، وهو ملزم بالحصول على أعلى سعر للبائع، كما هو ملزم بإعلام البائع بقدرات المشتري المالية، وكم المبلغ الذى يستطيع دفعه، وإذا وثقت به كمشترٍ فالمعلومات التى تقدمها له يمكن أن تستخدم ضدك. موقف من اليوميات حكى لى عميل عن موقف له أثناء عملية بحث بين المكاتب العقارية عن منزل العمر.. بعد جهد ووقت انتهى إلى التفاوض مع البائع، ليجد نفسه مطالبا بدفع مائة ألف ريال إضافية، ويجد الوسيط العقاري ينحاز للبائع والثمن الذى يعرضه ، ويضغط عليه لإنهاء الصفقة! ماذا نبيع يا سادة؟ قانون العمل فى قطاعات الخدمات هو كالتالي: "إذا كنت تبيع خدمة، فأنت تبيع علاقة"، وهكذا العمل في الخدمات العقارية، فأنت كوسيط عقاري لا تبيع الفلل أو المنازل بل تبيع علاقة للمشتري، للعمل معه وله وبماله خلال عملية الشراء. "لا تفكر في التحسين، فكر في الاختلاف".. وهذا هو قانون العمل الثاني، فلا تأتي قصص النجاح في قطاع الخدمات من الشركات التي تقدم نفس الخدمات المقدمة من الشركات الأخرى، لكن على نحو أفضل قليلا. فالنجاح من نصيب الشركات التي اتخذت قراراً بتقديم الخدمة على نحو "مختلف" تماما. - فيدرال إكسبريس قامت بما هو أكثر من مجرد تعديل خدمة تسليم الطرود. - سيتي كورب قامت بما هو أكثر من مجرد تحسين الخدمات البنكية، إن سيتي كورب هي أول من ابتكر مؤخرا شهادات الإيداع القابلة للتفاوض. وبالرغم من قصص النجاح تلك، إذا كان لك أن تحضر أي جلسة تخطيط فسرعان ما ستدرك أن المداولات تدور حول غرض واحد بسيط: - "دعونا نقلب النظر فيما أنجزناه في العام الماضي، وننجز 15% على الأقل بصورة أفضل". هذا التحسين بنسبة 15% سيؤتي مفعوله، لكن لفترة محدودة. هذه الفترة تنتهي عندما تأتي شركة أخرى وتقدم نفس الخدمة التي تقدمها ولكن على نحو "مختلف" بنسبة 100%، وهذا ما يجب أن نفعله فى مكاتبنا العقارية، لنراجع ما درجنا عليه، الفرضيات والخبرات السابقة لم تعد تجدي كثيرا – الآن - الجيل الجديد من المكاتب العقارية ونستطيع أن نرصد تحولات ثلاث أو مؤشرات ثلاث لجيل جديد من المكاتب العقارية: • التحول من خدمة البائع إلى خدمة المشتري. • التحول من التركيز على قوائم الوحدات المباعة إلى التركيز على العميل/المشتري. • التحول من خدمات الوسيط التقليدي إلى خدمات الوكيل الحصري للمشتري. والتجارب العالمية هي فقط نماذج استثارة لمبادرات جديدة، واستثمار جديد فى خدمات الوكالة العقارية، فالمشتري في حاجة إلى وكيل عقاري يعمل معه مرشدا وصديقا خلال عملية الشراء، لتمكينه من إيجاد العقار المناسب في الموقع المناسب بالسعر العادل. هذا وقت العمل المباشر في اتجاه تمثيل المشتري في المكاتب العقارية، وإعادة الاعتبار لهذا المواطن الممول. *مستشار الابتكار المؤسسي