هذا المواطن الممول مستأجرًا كان أو مشترياً يدور بين المكاتب العقارية كل يوم ليجد من يدفع لهم العمولة لا يمثلونه ولا يبالون به.. وكأنها فقرة في كاميرا خفية عبثية. انتهى العمر الافتراضي لهذا العبث المزمن، توجد حاجة متزايدة لجيل جديد من المكاتب العقارية يمثل المشتري لا البائع، ويعيد الاعتبار لهذا المواطن الممول، جيل جديد من الوكالات العقارية يربح من تقديم رزمة من الخدمات الاستشارية تجعل خبرة شراء منزل خبرة آمنة وصديقة، أفضل وأسرع وأكثر اعتمادية. هذا وقت العمل المباشر في اتجاه تمثيل المشتري في المكاتب العقارية، فالوسيط العقاري قد يمثل البائع أو المشتري أو كلاهما معا، أما الوكيل العقاري فهو يمثل المشتري فقط، فالمشتري في حاجة إلى وكيل يعمل معه مرشدا وصديقا خلال عملية الشراء، لتمكينه من إيجاد العقار المناسب في الموقع المناسب بالسعر العادل. مواقف ثلاثة ملهمة فيما يلي مواقف مهداة إلى أولئك الذين أسقطوا المشتري، هذا المواطن الممول من حساباتهم.. من يملك؟ ماذا؟ الموقف الأول لمواطنة صحفية تواجه الرئيس الأمريكي بوش الابن، وتذكره فقط بأن القميص الذي يرتديه قد دفعت هي ثمنه مسبقا، فالرئيس ينتخبه ويدفع راتبه هذا المواطن بعمله وكده، وما يورده كل يوم لخزينة الدولة، فهو المالك للثروة.. هذه حقيقة من حقائق الاقتصاد والتمويل نتجاوزها بغرابة في مشاريعنا، ومجتمعاتنا العربية. من يدفع العمولات والرواتب؟ الموقف الثاني في فرع البنك (...) بالإسكندرية، وهو تجربة شخصية لإجراء بنكي معتاد، حصلت على رقم وانتظرت إلى أن (مثلت) أمام شباك الصرف، وقدمت أوراقي الثبوتية لسحب مبلغ من حسابي، سألت فقط عن الرصيد قبل كتابة المبلغ باستمارة السحب، فرد موظف البنك بامتعاض، وكلفني بالحصول على هذه المعلومة من زميل له.. فذكرته فقط بأني لا أدفع راتبه ليكلفني بهكذا عمل وبهذه الطريقة، فرد مستنكرا صاخبا: بأني لا أدفع راتبه و... ، قاطعته سائلا: من يدفع راتبك؟، قال بثقة: رئيس مجلس الإدارة.. ربما لا يدرى أن راتبه وراتب رئيس مجلس إدارته، وقميصه هو الآخر من أموال المودعين. الهرم المقلوب الموقف الثالث في مركز تدريب لأسواق تجارية بالرياض.. وهو أيضا تجربة شخصية حيث شرفت بالعمل مع مديري الأركان والفروع في برنامج "التفكير الجانبي لكسر حاجز المنافسة". رسم المشاركون الهيكل الإداري للشركة، فوجدنا هذا الهرم المقلوب المعتاد.. على قمة الهرم المساهمون والعضو المنتدب، فمديرو الأركان والفروع، يليهم رؤساء وموظفو الإدارات والأقسام، ثم فريق البيع وخدمة العملاء.. حسنا هذا هو الواقع المعاش، ماذا نفعل لتحفيز المشاركين على مراجعة هذا الواقع للتحسين والتطوير؟.. وكان السؤال عن العميل أو الزبون.. أين مكانه في هذا الهرم؟! ، وسادت حالة من الإرباك بين المشاركين في البرنامج، وانتهى بهم الأمر إلى وضع العميل فوق العضو المنتدب. فالمشتري هنا هو العنصر الأهم، والسيد الأجدر بالخدمة والرعاية فضلا عن الاحترام والاهتمام .. قد لا يكون دائما على حق، لكنه دوما هو المهم. أخذت المبادرة لأسأل عن الفئة الوظيفية الأقرب للعميل والمؤثرة لجلب العملاء وأموالهم.. سألت عن فريق البيع وخدمة العملاء، وأين مكانهم في هذا الهرم؟!! .. ولم يعد الهرم مقلوبا، فالزبون الممول أولا على قمة الهرم، يليه فريق البيع وخدمة العملاء، ومن ورائهم تأتى الإدارة العليا وأقسام الشركة لتحفيزهم ودعمهم وتمكينهم من أجل جلب المزيد من العملاء والاحتفاظ بهم.. هكذا تربح الشركات يا سادة. *مستشار الابتكار المؤسسي