كم من الوقت نحتاج لنكشف عن القيادات الخفية للتيارات الإسلامية الحركية في السعودية؟ عام، أعوام؟ هذا سؤال يردده أي متابع بسيط لهذه التيارات، والمحصورة في بلادنا، بالدرجة الأولى، على "السرورية" و"الإخوان المسلمين". و"السرورية" هي النموذج المتشدد من السلفية المعرفة، والتي تقف على مسافة خطوة قريبة من "الجهادية". يعني، بالعامية: "تكة ويتحول صاحبها إلى جهادي". أما تيار "الإخوان المسلمين"، فهو النسخة المحلية غير الظاهرة للتيار العالمي المعروف. والتياران ينشطان في البلاد منذ عقود، وتوزيع كثافتهما يتباين من منطقة إلى أخرى، ف"الإخوان" ينشطون في المنطقتين الشرقية والغربية، فيما تسيطر "السرورية" على بقية المناطق بلا منافسة، مع الإشارة إلى أن الاحتدام يشتد شرقي البلاد وغربها، خاصة مع المناسبات، والصراع بين الاثنين لا يمكن أن يتخيله شخص عادي، إلا من يحاول استحضار فترة الانتخابات البلدية مطلع العام ألفين وخمسة، حين قزم أتباع كل تيار مشائخ التيار الآخر بلا استحياء، رغم ظهور الجميع أمام الرأي العام بمظهر الوعاظ وأهل الخير والصلاح. بعض المراقبين، أو حتى بعض المنتسبين من حيث لا يشعرون، يذهب كثيراً إلى الأسماء المعروفة في المشهد المحلي على انهم القيادات الفعلية للتيارين، وهذا ما تنفيه وقائعهما. فلكل تيار قياداته، التي لا يراها العامة من الناس. ف"للسرورية" قادتها غير المرئيين، ومثلها "الإخوان". وهذا تكتيك متبع منذ زمن؛ أن تبقى القيادة التنظيمية في الخفاء، وينشط غيرها في بقية المحافل المحلية. ومثلاً، لا يمكن أن تتواجد أسماء القيادات الأصلية الخفية في البيانات الصادرة على الدوام، استنكاراً من حدث أو تعاطفاً مع آخر، أو تشارك في محاضرات دعوية، أو أي أنشطة إسلامية أخرى تتواصل في المدن، فهذه الأنشطة كلها متروكة للقيادات غير الفعلية، الظاهرة. وبشكل أوضح: الصف الثاني من القيادات. وهذا التكتيك، ساعد القيادات الخفية على البقاء بعيداً عن الضغط، الرسمي والعام، وجنبها الاحتراق مع الزمن، مثلما حصل مع القيادات الأخرى، التي إما تلاشت أو انتهت إلى السجون أو فقدت جماهيريتها، نتيجة لعوامل التعرية الزمنية. لكن، هل استمر غياب القيادات الخفية طويلاً؟ الشواهد الأخيرة أكدت أن التستر والخفاء لا يدوم طويلاً. وكذلك فعلت البيانات الصادرة من وزارة الداخلية، بكشفها عن سقوط أسماء مهمة كانت غائبة عن المشهد، وهي في الواقع قيادات خفية لتيار حركي، مارس الدعم طويلاً لتنظيم "القاعدة"، حتى أن الوزارة وصفت المجموعة الموقوفة ضمن الأربعة والأربعين بالأهم وبالأكثر خطراً طوال السنوات الست في الحرب على الإرهاب.