ظل نحو ألف مجرم بريطاني يسرحون ويمرحون مطلقي السراح عن طريق الخطأ في فضيحة جديدة كبرى تمس الأمن والقانون والنظام العام. ويشتمل هؤلاء المحكوم عليهم قضائياً على مرتكبي جرائم القتل والاغتصاب والجرائم المرتبطة بالأطفال وأمثال أولئك ممن يفترض أن يعادوا إلى الحبس إثر ارتكابهم جرائم جديدة أو إخلالهم للشروط التي جرى بموجبها إخلاء سبيلهم. بيد أن هؤلاء القتلة والمجرمين تمكنوا من تضليل العدالة لمدة وصلت إلى (25) عاماً بعدما أخفقت قوات الشرطة في طول البلاد وعرضها في اقتفاء أثرهم وإلقاء القبض عليهم. ولعل مما يستعصي على التصديق أن بعض قوات الشرطة ترفض التعرف على الخطيرين منهم وتمتنع عن تعريفهم متذرعةً بالالتزام بقوانين حماية سرية البيانات. فقد ظلت الحكومة تجهل تلك الخيبة المخزية أو تعلم النزر اليسير عنها إلى أن صدر أمر قبل عامين يقضي بإجراء مراجعة شاملة في هذا الخصوص؛ وهي مراجعة تم نشر نتائجها مؤخراً فأطلقت على إثرها قوات الشرطة حملة مطاردة تأخر أوانها للقبض على المجرمين الهاربين. يشار إلى أن من ظلوا مطلقي السراح يشتملون على (20) قاتلاً و(15) مغتصباً وخمسة من مرتكبي جرائم ضد الأطفال؛ كما أن من بين من أخلي سبيلهم عن طريق الخطأ، والذين يبلغ عددهم (954) مجرماً، أقدم (59) منهم على أقل تقدير على معاودة ارتكاب جرائم بما في ذلك جرائم اغتصاب. وقد أثارت هذه الأرقام مخاوف مبررة حول قدرة إدارة الشرطة وإدارة مراقبة السلوك على حماية الأمن العام وتأمين سلامة عموم الأفراد لا سيما وأن بعض الوزراء عرف عنهم الاستياء وعدم الرضا عن أداء الشرطة. ففي الآونة الأخيرة تم توجيه سهام النقد الحاد إلى الإدارتين على حد سواء بعد أن رشحت معلومات عن أن دانو سونكس كان حراً طليقاً ليقدم على قتل الطالبين الفرنسيين لورنت بونومو وجابريل فيريز برغم أنه أعيد إلى السجن. وتحدث في هذا السياق وزير العدل بحكومة الظل دومينيك جريف فقال: "إن المواطنين سوف يصابون بالصدمة - ذلك أن حزب العمل، ومن خلال مشروع إطلاق السراح المبكر والأسلوب المتقاعس في التعامل مع فترة الاختبار ومراقبة السلوك، إنما يعرض الجمهور للمزيد من الأخطار؛ كما أن الخصم من قادة الصف الأول في إدارة مراقبة السلوك سوف لن يفضي إلا إلى تفاقم الوضع وازدياده سوءًا على سوء". أما الدكتور ديفيد غرين من مجموعة سيفيتاز، فقد هاجم بدوره قرار بعض قوات الشرطة بعدم الإفصاح عن هوية من أفلتوا من قبضة العدالة بأن ظلوا مطلقي السراح. وصرح بقوله: "إذا كان أحد الجناة هارباً من العدالة، فما هي طبيعة الخصوصية التي يتوقع أن يتمتع بها؟" وأما الفضيحة التي أعلنت مؤخراً من قبل كل من ألن جونسون وزير الداخلية وجاك سترو وزير العدل، فقد أحدثت أصداء لفضيحة الأجانب التي تم فيها إطلاق سراح 1000 من المحكوم عليهم من الأجانب وتم إخلاء سبيلهم عن طريق الخطأ حتى من غير مجرد التفكير في ترحيلهم من البلاد مما أدى إلى عزل تشارلس كلارك من منصبه كوزير للداخلية في عام 2006م. أما ما أميط عنه اللثام مؤخراً، فهو يعود إلى المراجعة التي صدر الأمر بإجرائها في أعقاب تلك النكبة لمعرفة ماهية "الأهوال" الأخرى الكامنة في دهاليز وايتهول. فقد طولب الضباط بالتأكد من عدد المجرمين الذين أخرجوا من السجن مبكراً بترخيص وتم السعي لإعادتهم إلى السجن لاحقاً من قبل ضباط مراقبة السلوك نتيجة لمخاوف تتعلق بسلوكياتهم. وتم فحص الأسماء من واقع سجلات الشرطة وعلى ضوء ما ورد في تلك السجلات المتعلقة بمن ألقي عليهم القبض بالفعل؛ فاتضح أن 19 جانياً جرى السعي لإعادتهم إلى الحبس خلال الفترة بين 1984م و1999م لا يزالون مطلقي السراح بمن فيهم مرتكب جريمة قتل ظل فاراً ومطلوباً منذ عام 1984م. بالإضافة إلى ما تقدم ظل نحو 142 مطلوباً فارين من العدالة لفترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات فضلاً عن أن هنالك من ظلوا مطلقي السراح وعددهم 180 مجرما تم إخراجهم من السجن منذ يونيو 2007م بموجب خطة مثيرة للجدل تتعلق بتخفيض التكدس والازدحام في السجون. وأدلى هاري فلتشر، من اتحاد مراقبي السلوك، بدلوه في هذا الخصوص بقوله: "إن من المثير للمخاوف حقاً أن واحداً من كل ألف مجرم على وجه التقريب ممن تم طلب استدعاؤهم للحبس مرة أخرى لا يزال حراً طليقاً؛ وأن العديد منهم يشكلون خطراً محدقاً يهدد عموم المواطنين". وكشفت الأرقام النقاب أيضاً عن أن الشرطة لم تحقق المستويات المستهدفة فيما يتعلق بالسرعة في إلقاء القبض على الجناة؛ حيث ينبغي للشرطة أن تلقي القبض على 75% من المطلوبين للعدالة ممن يندرجون تحت فئة الحالات "الطارئة" خلال 74 ساعة في حين أنه ينبغي إنجاز ثلاثة أرباع الحالات القياسية من المطلوبين خلال ستة أيام، بيد أنه منذ عام 2007م لم تتم إعادة حوالي 10 آلاف مجرم إلى السجن في المواعيد المحددة.