تطالعنا الأزمان بأشكال من العلل والأسقام، والإنفلونزا موسمية على حالها بيد أنها صارت بأسماء وصور وأنواع أشد خطورة، وأحسب أن ذلك الداء العضال «الإرهاب» إحداها، وبقدر ما يُجدد له من أساليب المعالجة والمكافحة والعقار يشهد نشاطاً وتطوراً في احتضانه، مع تحول بمواضع تفشيه وأوجاعه في جسد المجتمعات. «إنفلونزا الإرهاب» مرض مهما حُصر وتم الحد من آثاره سيظل (وباء) يؤثر سلباً ويؤذي كافة الناس والأسر والبيوت في البلد الذي يظهر فيه ويعرض الجميع للخطر، ولا يفرق بين أمير وفقير، وكبير وصغير، ورجال ونساء، ومواطن ووافد! .. وهؤلاء الذين يحملون الجرثومة هم كبد هذا الوطن الأم وأبناؤه الذين رعاهم واحتواهم صغاراً، وعلق آماله بهم كباراً، فعقوه وما راعوا عهداً ولا وفاء ولا ذمة ولا ولاء ولا إنسانية، ولا تذكروا حتى معنى لقمان الحكيم حين قال: «لا ترمي حجراً في بئر شربت منه»! .. ويصبر المجتمع صبر والد على ولده، وهو يتمنى أن يعودوا لصوابهم إلا أن من كان عمل غير صالح يحكم فيه رب العالمين، وكانت يده تعالى بالمرصاد (ومن استل سيفاً للبغي قُتل به)، وحاق المكر السيئ بأصحابه، وكانت كلمة الله هي العليا ليطمئن بها قلب ولاة الأمر، ويشد على أيديهم، وفي كل مرة يكون في عون رجال الأمن، وينصر من يؤدي واجباً وطنياً في حماية الحمى، وكأنما يبعث رسالة لذويهم كتلك التي رد بها على نبيه نوح - عليه السلام - حين انشق ابنه عن أمره، فناجاه بضعف الوالد فقال: يا رب إن ابني من أهلي، فرد عليه سبحانه وتعالى: إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح! ورغم كل الخبث والدهاء لضمائر معاقل الإرهاب وأتباعهم كان أولياء الأمر أكرم منهم وأطيب وأبوا إلا متابعة مجهودات المسالمة واستصلاح أرض نفوسهم بعد تمشيطها مما زرع فيها من بلاء، وأعلنوها على الملأ أنهم منتظرون عودتهم رغم كل ما يحصل، وعلى قدر النوايا كان الله في عون الدروع البشرية للوطن، وحماة أرضه وعرضه، وصانهم وحفظهم من كيد مخادع وغادر، وخسر من أراد الفساد بمشيئة الواحد الأحد ليخلص أرض الحرمين الشريفين، وأهل الإيمان والصلاح ممن قد يرهقهم طغياناً وكفراً، وليبارك فيها ويبدلها خيراً منهم زكاة وأقرب رحماً. ومضة: يا رب سلم سلم.. وأحفظ ولاة أمر هذا البلد وصنهم من كل سوء، واستدفع الشر عنهم ب«لا حول ولا قوة إلا بالله»، وأجعلها لهم دون كل معتد أثيم. .. وبارك في عمر الأمير «محمد بن نايف» ووالده، وأسرتنا المالكة جميعاً وأكفهم كل مكروه.