طالبت المملكة العربية السعودية منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بالموافقة على طلب فلسطين بالانضمام إلى عضوية المنظمة الذي دخل إِلىَ جَدولِ مُنَاقشاتِ المَجلِسِ التنفيذيِّ والمؤتمِر العامِ للمنظمة منذ عشرين عامًا، ولم يتّخذ شيء بشأنه. جاء ذلك في كلمة نائب وزير التربية والتعليم عضو المجلس التنفيذيِّ لليونسكو الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، أمام المجلس التنفيذي في دورته الثانية والثمانين بعد المائة المنعقدة حاليا في مقر المنظمة في باريس، وتستمر حتى الأربعاء المقبل. وشدد في كلمته أن «اليونسكو» تكتنز العديدَ مِنَ المُبَادَرَاتِ الإيجابيةِ النَاجِحَةِ، فِيمَا تتوافرُ ملفاتٌ أخرَى علىَ قَدرٍ كَبيٍر مِنَ المَسؤُوليّة بِحَاجةٍ إلىَ إِجراءاتٍ كَفِيلةٍ بتحويلِهَا إلىَ خُطواتٍ إيجابيّةٍ عَمليّةٍ؛ حَتَّى لا تبقىَ مجردَ دعواتٍ دُونَمَا مردودٍ مَلموسٍ، ومِنْ ذلكَ؛ طلبُ انضمامِ فَلَسطين إِلىَ عُضويّةِ (اليونسكو) الذي مازال يراوحُ مكانَهُ منذ عشرين عاما.وقال في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه مندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس «إن هذِهِ المنظمةَ وحَسْب قَوَانينِهَا المُعْلَنةِ ليستْ سياسيةً، ومِمَا تَهدفُ إليه صونِ كَرَامَةِ البشرِ التي سُلبتْ أوطانهم، وهي تُبشّر دومًا بعَالمٍ جَديد خال من الصِرَاعاتِ السيَاسيِّةِ والإيديولوجيِّةِ.. وعِندَمَا نَتَعامَلُ بِجِدِّيَّةٍ مَعَ مِثْلِ هَذِه المبادراتِ لِنُصْرَةِ المَظلومِ؛ فإنَّ هذَا سيُكملُ سلسلةَ مَشروعاتِ المنظمةِ الرائدةِ التي تُشْكَرُ عَلَيْهَا، فِي مُقَدِمَتِهَا صَوْنُهَا تراثَ مَدينةِ القُدْسِ القَدِيْمِةِ، وتقديمُ العونَ لِمُؤَسَّساتِ التَّعْلِيمِ وَالثقافةِ الفِلسطينية..وأخيرًا وليس آخِرًا، الإسهام فِي إعادةِ إعمارِ قِطَاعِ غَزَةَ المدَمَر وغيرها من المشروعاتِ الإنسانيّةِ حولَ العَالمِ.وتطرق إلى انتخاب مديرِ عام جديد لليونسكو وقال «إن العالم بأسرِهِ يتطلع إلىَ الأمانةِ والمسؤُوليةِ اللتين حمَّلنَا إياهما لانتِخَابٍ ُمديرِ عام جديد بعد انقضاء عشر سنوات من قيادة كوتشيرو ما تسورا، الذي كان على مستوى المسؤولية؛ لمواصلة سلسلة الإجراءات التطويرية والإصلاحية للمنظمة ؛ خاصةً وأنَّ دورَهُ حيويٌّ وفاعلٌ لتَعزيِز الُمعَالجاتِ للأزماتِ التي يواجُههَا عالُمنَا اليومَ؛ بناءً علىَ مَبَادئ حُقُوقِ الإِنسَانِ بِمَا في ذلك حقُّهُ في المعرِفَةِ والحياةِ الكريمة الآمنةِ وزَرْعُ بُذورِ الأملِ في نُشوءِ مُجتَمعاتٍ أكثرَ تعايُشًا وتسامُحًا وانفتاحًا على الآخر». وأشاد نائب وزير التربية والتعليم بمجملِ جُهودِ المنظمةِ، وعلىِ الأَخصِ مَا يتعلّقُ بتقريِر المديرِ العام عن تحقيقِ هدفِ التعليمِ للجَميعِ علىِ الصعيدِ العالميِّ بِحُلولِ عامِ (2015)، وكذلك الجهودِ الرَّاميَّةِ لمواجهةِ تأثيرِ الأزْمَةِ المَاليّةِ علىَ التَعليمِ؛ آملا أن تَتَكَاتَفَ الجهودُ للتغلبِ عَلىَ العرَاقيلِ المبيّنةِ، والبحثِ عِنْ السُّبلِ البَدِيْلَةِ اللازمةِ، خاصةً أنَّ رُقْعَةَ التحديات التي يواجِهُهَا قطاعُ التربيةِ تتّسعُ كلَّ يومٍ، ومِنْ أقربِهَا تأثير أنفلونزا الخنازير، مؤكدا أن المملكة قامت بالتخطيط الجيّدِ لمُحَاصَرَتِهِ؛ والتَّوْعيَّةِ بآثاره؛ ووضْعِ خِطَط الوقاية منه في جَميعِ المدارسِ، مُستَعِيْنِيْنَ بما يُحقّقهُ العَالَمُ فِي هذَا الشأن. ونوه بحجم العملِ فٍي تِقريرِ المُدِيرِ العَامِ عَنْ مُشَارَكةِ (يونسكو) وإسهَامَاتِهَا فِي السَّنة الدَّوْليّةِ للتنوُّعِ البيولُوجي (2010) معربا عن أمله في أن تتمَكَّنَ المنظمةُ مِنْ تَنْفِيذِ ما التزمتْ به في وجودِ تِحديّاتٍ، أبرزها: توافرُ السيولة المالية الكافية. كما أشاد بمشروع «إنشاءُ شَبكةٍ لتعلّم اللغاتِ عَنْ طرِيْقِ إنترنت» واصفا إيّاه بأنه من جملة المشروعات التي تُعدُّ إضافاتٍ نوعيّةً لبرنامجِ المنظمةِ الثقافيِّ، وينسجمُ مَعَ متطلباتِ مُجْتَمَعِ المَعرفةِ الكَوْنِي الجَدِيدِ، مؤملا أنْ يُسْهِمَ فِي خَلْقِ روحٍ مِنَ التَعَايُشِ المُشتَرَك؛ وإيجادِ الحلولِ اللازمةِ لتفادي جَمِيعِ الحَوَاجِز اللسَانيَّةِ والحضارية على حد سواءٍ. وفي إطار استعداد المنظمة للاحتفاءِ بالسَّنَةِ الدَّوْليّةِ للتقاربِ بَينَ الثقافاتِ عام (2010)، لفت النظر إلى دعوة المملكة العربية السعودية إلى إيجادِ السُّبُل الكَفِيْلَةِ للتعرُّفِ عَلىَ (الآخرِ) بِنَاءً علىَ أسسٍ عِلْمِيَّةٍ وموضوعيّةٍ رَصِيْنَةٍ، تُسْهِمُ فٍي صِيَاغَةِ رُؤيَّةٍ مُسْتَقْبَليَّةٍ، تحققُ الاعتدالَ والإنصافَ في دراستِهَا للآخرِ. وأضاف «إنه ليس المطلوبُ إعادةَ محاولاتِ كتابةِ التاريخِ - كمَا حدثَ فِي المَاضِي لَدَىَ بعضِ المحافلِ التي أُقُيمتْ لهذا الغَرَضِ - لأنَّ الانشغالَ بالماضِي لنْ يؤدِّي إِلاَّ لتكريسِ المَزِيدِ مِنَ الانطباعاتِ غَيرِ الدَّقِيقَةِ؛ وتعميقِ الانفصامِ بَينَ شرائحِ المُجْتَمَعَاتِ كافةً، بل المنشودَ فِي المرحلةِ المُقْبِلةِ هُو البحثُ عَنَ (المُشْتَرك) إزاءَ نقاطِ التقاطُع الهَامِشِيَّةِ، والنظرُ إلىَ (التعايُش) على أنَّه ضرورةٌ كونية غَير قَابِلَةٍ للتنازلِ» .وأكد ابن معمر أنه لا يوجد عاقل يقف اليومَ مُعَارِضًا للتعايُشِ وَالتَسامُحِ تَحتَ أي مُبَرِرٍ، فإذَا كانَ الحديثُ والتلاؤمُ المتبادلُ بينَ العوالمِ فيِمَا مَضَىَ هُو عَنْ الصُورةِ المُسِيئَةِ التي تَرسُمُهَا كلُّ ثقافةٍ عَنِ الأخرىَ؛ فإنَّ السائدَ اليومَ هو الدعوةُ السَّويةُ للبَحثِ في طَبِيعَةِ العِلاَقةِ التي تؤصِّلُ لإِزَالةِ هَذِهِ الحالةِ مِنَ الاحتقانِ، وإخراجِ الهدفِ الأسمىِ مِنْ دِائرة التَّحَدِّي والاستفزازِ؛ ليصبحَ البحثُ فِي بِواطن العداوةِ ومؤجِّجَاتِ الحُرُوبِ «بِعَيْنَيْنِ لا بِعَيْنٍ وَاحدةٍ»: عَين عَلَىَ (الذَاتِ) وأُخْرَى عَلىَ (الآخَرِ) ؛ وبالتَالي تحقيقُ الأمنِ والسَّلامِ والاستقرارِ لشعوبِ الأرضِ كافةً بِمَا يحفظُ لهَا حُقوقَهَا وَمكانتَها، بعد أنْ أزالَ عصرُ المَعرفةِ وثورةُ المعلوماتِ والاتصالاتِ كلَّ حَواجز التواصلِ؛ فلم يَعُدْ مَقبُولاً الوقوعُ فِي خَطأٍ جَوهري، مثل: الإساءةُ إلىَ دينٍ مُعَيَنٍ أو دَوْلَةٍ أو جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ؛ لأنَّ هذه الجماعةَ ببساطةٍ شديدةٍ، هم جيرانُنا في المَسْكَنِ، وأصدقاؤنا في العَمَلِ، وشركاؤنا في المتجرِ، وفي عالمنا الافتراضي عبر الإنترنت، ويسيرونَ مَعَنا جنبًا إلى جنبٍ في الشارع وفي كلِّ مَكانٍ نَحُلُّ فيه. واختتم معاليه كلمته بالتأكيد على أن المملكةَ بوصفها قلبَ العَالمِ الإسلاميِّ ستبقىَ دائمًا مُسَاندةً وداعمةً لكلِّ جَهدٍ دولي مِنْ شَأنهِ تقريب شعوب العالم على مختلف دياناتهم؛ ومَدِّ جسور التواصل بينهم، وصولاً إلى الغاية الأسمى: أنْ يعمَّ السَّلامُ أرجاءَ الأرض ِوتَسعَد البشريَّةُ بِمُكْتَسَبَاتِه. ويُؤكِّدُ علىَ ذلك قادةُ المملكة فِي المحَافِلِ الدولية كافةً؛ انطلاقًا مِنْ تَعليماتِ دِيِننَا الإسلاميِّ الحَنِيفِ الذي يحترمُ كلَّ الأديانِ والأعراقِ والحضاراتِ والثقافاتِ.