طالبت السعودية بالموافقة على طلب فلسطين الانضمام إلى عضوية «يونيسكو»، الذي دخل إلى جدول مناقشات المجلس التنفيذي والمؤتمر العام منذ عقدين. جاء ذلك في كلمة نائب وزير التربية والتعليم عضو المجلس فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، أمام المجلس التنفيذي الذي عقد حاليا بمقر المنظمة بباريس، ويستمر حتى الأربعاء المقبل. وشدد ابن معمر في كلمته أن «يونيسكو» تكتنز العديد من المبادرات الإيجابية الناجحة، فيما تتوافر ملفاتٌ أخرى على قدر كبير من المسؤولية بحاجة إلى إجراءات كفيلة بتحويلها إلى خطوات إيجابية عملية؛ حتى لا تبقى مجرد دعوات دون ما مردود ملموس، ومن ذلك؛ طلب انضمام فلسطين إلى عضوية (يونيسكو) الذي مازال يراوح مكانه منذ عشرين عاما، بالرغم من أن هذه المنظمة وبحسب قوانينها المعلنة ليست سياسية، ومما تهدف إليه صون كرامة البشر التي سلبت أوطانهم، وهي تبشر دوما بعالم جديد خالٍ من الصراعات السياسية والإيديولوجية. . وعندما نتعامل بجدية مع مثل هذه المبادرات لنصرة المظلوم؛ فإن هذا سيكمل سلسلة مشروعات المنظمة الرائدة التي تشكر عليها، في مقدمتها صونها تراث مدينة القدس القديمة، وتقديم العون لمؤسسات التعليم والثقافة الفلسطينية..وأخيرا وليس آخراً، المساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، وغيرها من المشروعات الإنسانية حول العالم. وقال نائب وزير التربية والتعليم في كلمته، التي ألقاها بالنيابة عنه مندوب المملكة الدائم لدى اليونيسكو الدكتور زياد الدريس: «إن العالم بأسره يتطلع إلى الأمانة والمسؤولية اللتين حملنا إياهما لانتخاب المدير العام الجديد بعد انقضاء عشر سنوات من قيادة السيد كوتشيرو ما تسورا، الذي كان على مستوى المسؤولية؛ لمواصلة سلسلة الإجراءات التطويرية والإصلاحية للمنظمة؛ خاصة وأن دوره حيويٌ وفاعلٌ لتعزيز المعالجات للأزمات التي يواجهها عالمنا اليوم؛ بناء على مبادئ حقوق الإنسان بما في ذلك حقه في المعرفة والحياة الكريمة الآمنة وزرع بذور الأمل في نشوء مجتمعات أكثر تعايشا وتسامحا وانفتاحا على الآخر» وفي إطار استعداد المنظمة للاحتفاء بالسنة الدولية للتقارب بين الثقافات عام (2010) ، دعت المملكة إلى إيجاد السبل الكفيلة للتعرف على الآخر بناء على أسس علمية وموضوعية رصينة، «تسهم في صياغة رؤية مستقبلية، تحقق الاعتدال والإنصاف في دراستها للآخر، مشيرا إلى أنه ليس المطلوب إعادة محاولات كتابة التاريخ كما حدث في الماضي لدى بعض المحافل التي أقيمت لهذا الغرض، لأن الانشغال بالماضي لن يؤدي إلا لتكريس المزيد من الانطباعات غير الدقيقة؛ وتعميق الانفصام بين شرائح المجتمعات كافة.. بل المنشود في المرحلة المقبلة هو البحث عن (المشترك) إزاء نقاط التقاطع الهامشية، والنظر إلى (التعايش) على أنه ضرورةٌ كونية غير قابلة للتنازل بحال، مشيرا إلى أنه لا يوجد عاقل يقف اليوم معارضا للتعايش والتسامح تحت أي مبرر، فإذا كان الحديث والتلاؤم المتبادل بين العوالم فيما مضى هو عن الصورة المسيئة التي ترسمها كل ثقافة عن الأخرى؛ فإن السائد اليوم هو الدعوة السوية للبحث في طبيعة العلاقة التي تؤصل لإزالة هذه الحالة من الاحتقان، وإخراج الهدف الأسمى من دائرة التحدي والاستفزاز؛ ليصبح البحث في بواطن العداوة ومؤججات الحروب «بعينين لا بعين واحدة»: عين على (الذات) وأخرى على (الآخر)؛ وبالتالي تحقيق الأمن والسلام والاستقرار لشعوب الأرض كافة بما يحفظ لها حقوقها ومكانتها، بعد أن أزال عصر المعرفة وثورة المعلومات والاتصالات كل حواجز التواصل؛ فلم يعد مقبولا الوقوع في خطأ جوهري، مثل: الإساءة إلى دين معين أو دولة أو جماعة من الناس؛ لأن هذه الجماعة ببساطة شديدة، هم جيراننا في المسكن، وأصدقاؤنا في العمل، وشركاؤنا في المتجر، وفي عالمنا الافتراضي عبر الإنترنت، ويسيرون معنا جنبا إلى جنب في الشارع وفي كل مكان نحل فيه ..!». واختتم ابن معمر كلمته بالتأكيد على أن المملكة العربية السعودية بوصفها قلب العالم الإسلامي «ستبقى دائما مساندة وداعمة لكل جهد دولي من شأنه تقريب شعوب العالم على مختلف دياناتهم؛ ومد جسور التواصل بينهم، وصولا إلى الغاية الأسمى، أن يعم السلام أرجاء الأرض وتسعد البشرية بمكتسباته. ويؤكد على ذلك قيادة بلادي في المحافل كافة؛ انطلاقا من تعليمات ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحترم كل الأديان والأعراق والحضارات والثقافات».