ما أن استبشر أهالي مدينة الشعبين في رجال ألمع خيراً باعتماد العمل في تنفيذ طريق الحزام الدائري، حتى توقف هدير المعدات، وغادر المقاول الموقع، بعد أن طال الانتظار في انفراج الأزمة القائمة بين بلدية رجال ألمع المسئولة عن تنفيذ المشروع، وقطاع كهرباء المنطقة الجنوبية التي مازالت تطلق وعودها يوماً بعد يوم، بسرعة معالجة مشكلة توقف المشروع الناتج عن اعتراض خطوط الضغط العالي والمنخفض وعدد من الأعمدة الناقلة للتيار الكهربائي لأجزاء من الطريق وخاصة في مراحلة المتقدمة. وتقدر تكلفة مشروع الحزام الدائري بأكثر من 4 ملايين ريال، وبطول يمتد لأكثر من 2 كلم لخدمة كافة أحياء المدينة، إضافة إلى فك الاختناقات المرورية في مدخل الشعبين، وخدمة مقر المحافظة والمحاكم الشرعية وشرطة رجال ألمع، وإنهاء معاناة الإدارات الحكومية من الانقطاع المتكرر مع هطول الأمطار لعدد من الطرق الرئيسة التي تعبر بطون الأودية، وما سيُساهم به هذا الطريق من خدمة الحركتين التنموية والسياحية لمدينة الشعبين خصوصاً وللمحافظة على وجه العموم. وتأتي عرقلة المشروع هذه المرة من مرفق وقطاع حكومي كان يفترض أن يتجاوب مع هذه المشكلة بكل أبعادها ويعمل على معالجتها في أسرع وقت لضمان سير الطريق وتسليمه في الوقت المحدد من المؤسسة المنفذة. "الرياض" زارت مشروع الطريق المتوقف، ورصدت بالفعل مدى المعاناة للمواطنين الذين أبدوا انزعاجهم وخيبة أملهم من عدم اكتمال هذا المشروع بسرعة، بالإضافة إلى ما لاحظته من انسحاب المعدات بالكامل من المشروع، في ظل عدم وضوح توجهات كهرباء الجنوبية والبلدية لإنهاء حالة التوقف الإجباري لهذا المشروع الوطني الهام. وقد تحدث محافظ رجال ألمع الأستاذ محمد بن سعود المتحمي خلال لقائه "الرياض" عن أسباب التوقف، قائلاً أن الأسباب تعود إلى بطء الإجراءات المعمول بها في شركة الكهرباء للتجاوب مع تسهيل تنفيذ بعض المشروعات التنموية، خاصة فيما يتعلق بمجال الطرق، وقال: عندما يعترض مثل هذه الخدمات خطوط وأعمدة الكهرباء فإننا نحتاج إلى وقت طويل لإقناع مسئولي الكهرباء بضرورة نقل تيار الضغط العالي أو الأعمدة إلى مواقع أخرى بهدف ضمان مواصلة تنفيذ هذه المشروعات. وأكد المتحمي أنه اتخذ العديد من الإجراءات الرسمية لمعالجة المشكلة، حيث تم مخاطبة البلدية وكهرباء رجال ألمع ومحايل عسير بأهمية العمل على سرعة إنهاء الأزمة لتمكين المقاول من استكمال المشروع في الوقت المحدد، موضحاً أنه تم تزويد إمارة عسير بصورة من هذه المخاطبات، وقال: ومع بالغ الأسف لم تتلق المحافظة أي رد من كهرباء المنطقة الجنوبية تفيد بما يمكن أن ينهي هذه المشكلة الطارئة. كما قال أن هذا ليس المشروع المعطل الوحيد داخل محافظة رجال ألمع، بل أن هُناك العديد من المشاريع الأخرى والتي تُقدر تكلفتها بملايين الريالات، والتي قد توقفت بسبب عدم التزام الكهرباء بوعودها في التعاون مع القطاعات الخدمية الأخرى عل حسب قوله، وذلك في تغيير مسار العديد من خطوط الضغط التي كانت السبب المباشر في حرمان المحافظة من تطوير الطرق، داعياً كهرباء المنطقة إلى المبادرة الجادة والإسهام الفعلي لمعالجة هذه العوائق، وتمكين باقي أجهزة الدولة الخدمية من التطوير والبناء لخدمة المواطن والوطن. من جانبه، أشار النائب الأول لقطاع كهرباء الجنوبية أن وضع أعمدة الضغط العالي والمنخفض لم يتم بشكل عشوائي، بل أن هُناك تنسيقاً مسبقاً مع كافة قطاعات الدولة عند البدء في تنفيذ مثل هذه المشروعات الهامة، وأوضح في سياق رده على تساؤل "الرياض" حول عرقلة خطوط الضغط لمشروع الحزام الدائري في الشعبين، أنه كان يفترض على بلدية المحافظة أن تأخذ في الحسبان عملية التنسيق المسبق مع الكهرباء قبل البدء في تنفيذ المشروع، ولكن شيئاً من هذا لم يتم العمل به، منوهاً إلى أن المشكلة تنحصر الآن في تأخر وصول موافقة بلدية رجال ألمع على الارتباط المالي لقيمة تكلفة نقل هذه الخطوط، إما بحكم أن بلدية المحافظة لا تمتلك بنداً يمكن تحميل هذه التكاليف عليها، وإما لأسباب أخرى تخص البلدية، مبينا أن الموضوع مازال يراوح مكانه حتى تتلقى كهرباء المنطقة رد البلدية على قضية الارتباط. وعلى صعيد القضية، لم تتمكن "الرياض" من الحصول على إجابة مقنعة من رئيس بلدية المحافظة الأستاذ حسين اليامي الذي نفى بدوره توقف المشروع، وأكد أن العمل يجري حالياً على إزالة أعمدة الضغط العالي والمنخفض بعد موافقة كهرباء الجنوبية، بينما الواقع يؤكد بقاء الأعمدة في مواقعها، ولا يوجد حتى أدنى تحرك يبشر بقرب العمل مجدداً على فتح الحزام الدائري للمدينة. من جانب أخر، أكد الشيخ عبدالله بن أحمد بجاد عضو لجنة معالجة عوائق التنمية في رجال ألمع، الذي رافق "الرياض" في جولتها على الموقع، أن عدم رغبة كهرباء المنطقة الجنوبية في التعاون لإزاحة هذه الأعمدة وخطوط الضغط قد حرم أهالي رجال ألمع من الاستفادة من المشروع، باعتيار أن المدينة الحاضن الإداري لأغلب الإدارات والمرافق والخدمات العامة والخاصة، بما في ذلك مقر المحافظة والشرطة والمحاكم وغير ذلك، محملاً بلدية المحافظة أيضا المسئولية في توقف المشروع، وذلك بعدم جديتها في التجاوب مع الكهرباء لبحث أسباب التوقف، والتوصل إلى حل ينهي هذه المعضلة التي حرمت أكثر من 200 ألف مواطن من الاستفادة من خدمات هذا الطريق الحيوي.