يطل علينا الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا يومياً في شهر رمضان من خلال مسلسله الدرامي الاجتماعي الجديد "الحب الكبير" الذي يروي قصة رجلٍ أرمل يعيش مع أبنائه وأحفاده في منزل واحد، حيث الجميع مشغولون عنه، وكل منهم لاه في حياته ومشاكله، عندها يقرر أن يسعى لمساعدتهم ولحل مشاكلهم التي لا تنتهي والتي توقعه في دوامة من الحزن والهم!. هذه باختصار قصة الشخصية التي يجسدها الفنان عبدالحسين عبدالرضا في العمل، حيث يلعب هذه المرة، ومجدداً، دوراً درامياً جاداً، بعد أن تصدى في مسلسل "التنديل" الذي قدمه العام الماضي لنفس الدور وجديته تقريباً، واللافت أيضاً في الموضوع هو ابتعاده، في دوريه الأخيرين، عن حسّه الكوميدي المعتاد الذي طالما تمتع به النجم الكبير والذي حصر رغبة الجمهور دائماً في مشاهدته في مثل هذه الأدوار، على الرغم من "قفشاته" المضحكة هنا وهناك، وتعليقاته الساخرة واللاذعة في "الحب الكبير". لكن تبقى سلبية كبرى قد لا يغفل عنها المشاهد الكريم وهي أن المسلسل، وبطله، غرقا في بحر الأخلاقيات والمثاليات، والأسلوب المباشر في الوعظ الذي يُلقى من قبل (الأب - الجد) في كل شاردة وواردة، وعلى كل ما يعتقد أنها زلة أو خطأ يرتكبه الأبناء أو الأحفاد المساكين، وسنأخذ مثالاً على ذلك، عندما وقع الجد (عبدالرضا) مصادفة على حفيديه، المجتهدين واللذين يدرسان في كلية الطب، ورآهما وهما يحملان معهما آلتيهما الموسيقية فقام بمعاتبتهما بطريقة (هذه ليست من عاداتنا وتقالدينا) التي عفا عليها الزمن، ويأمرهم بالالتفات إلى مستقبل دراستهم في الطب، وعندما يحاولان عبثاً إقناعه بأن هذا لا يتعدى كونه هواية يمارسانها وتعزز نشاطهما الذهني والثقافي لا يستمع لهما، ولا يكون في يديهما في الأخير إلا التسليم، وغيرها من المواقف التي لا تلتفت إلى الواقع ولا تنشد إلا المثاليات التي لا وجود لها، أو لا ينبغي وجودها في ظروف عصرنا الحاضر. والحقيقة أن عبدالحسين عبدالرضا كان قد اشتهر في فترته الذهبية في السبعينات بالعديد من أدواره وشخصياته الواقعية الساخرة والثائرة سواءً في التلفزيون، أو المسرح لعل أشهرها شخصية حسين في "درب الزلق" الذي ألهم باندفاعه ومغامراته الكثير من شباب تلك الحقبة رغم نهايته المأساوية في ذلك العمل الخالد ذا الطابع الكوميدي، الذي قل ما رأينا مثيله، حيث يصعب علينا تصديق أن نرى نفس الممثل الذي جسد تلك الشخصية الواقعية يقع في فخ تلك الأدوار المحنطة التي ملأت شاشاتنا في السنوات الأخيرة. والحال، أخيراً، أننا لسنا في صدد تقويم أو حتى نقد التجربة بقدر تسليط الضوء على هذا الأسلوب المباشر في عمل يراد منه أولاً وأخيراً أن يكون اجتماعياً وهادفاً، لكنه لم يكن هذا ولا ذاك بسبب وعظيته الفجة رغم وجود فنان كبير واسم له بصمته الواضحة في مسيرة الفن الخليجي.