سبق أن كتبت مقالاً حاولت فيه معرفة أعظم اختراع في التاريخ .. وفي النهاية استقررت على اختراع (المطبعة) كونها ساهمت في نشر المعرفة ، وقهر الجهل ، وانحسار الأمية ، وأتاحت فرصة التعليم وتداول الأفكار لملايين البشر .. ورغم أنني لم أغير رأيي بهذا الخصوص إلا أن اختياري للطباعة كان يقتضي قبل ذلك اختيار الورق ذاته ، وتقديم مخترع الورق (تسيلون الصيني) على مخترع المطبعة ( جوتينبرج الألماني) ... وتسيلون أيها السادة هو المعني بمقال اليوم ويستحق عن جدارة لقب سابع اعظم رجل فى التاريخ .. فهذا الصيني كان خصيا من حاشية الامبراطور (هوي تى) ونجح عام 105 في تحضير عجينة بيضاء من سليلوز الخشب فردها بشكل رقيق لصنع ما نعرفه اليوم باسم "الورق" ! وغني عن القول إن أهمية الورق تكمن في مساهمته (مع الطباعه) من توثيق المعرفة وسهولة نشرها بين عامة الناس . فقبل اختراع الورق كان الجهل متفشيا بسبب صعوبة تدوين العلم ومحدودية انتشاره. ورغم استخدام الحجارة والجلود والخيزران والبردى للكتابة ؛ إلا ان هذه المواد لم تكن ثقيلة فقط بل وغالية ونادرة ومحدودة ولا تتوفر للجميع ... وتذكر المصادر ان الامبراطور تي اعجب كثيرا باختراع تسايلون فرفعه الى مرتبة النبلاء وولاه رئاسة البلاط واعتبره مستشاره الخاص. وحتى وفاة الامبراطور اعتبر تحضير الورق سرا من اسرار البلاط الامبراطوري ولا يجوز استعماله في غير المراسلات الحكومية ؛ إلا ان سر تحضيره سرعان ماعم الصين قبل نهاية القرن الثانى الميلادي الأمر الذي ساهم في ظهور الشكل الأول ( للكتاب ) !! وظل سر الورق حكرا على حدود الصين حتى نقله العرب عنهم عام 751 بعد معركة اطلس .. فبعد نجاح قتيبة بن مسلم فى اجتياز نهر جيحون واتخاذه من طاشقند مركزا لفتوحات الشرق أصبح الاحتكاك بالصينيين أمرا متوقعا .. وبالفعل التقى العرب مع الصينيين فى معركة صغيرة كانت بمثابة (جس نبض) تفرق بعدها كل طرف بدون ضرر كبير . ورغم أن هذه المعركة لاتعد شيئا يذكر مقارنة بمعارك العرب الكبيرة ولم تترتب عليها نتائج إستراتيجية مهمة إلا أنها انتهت بأسر العرب لبعض صناع الورق الصينيين . وقد ادرك قتيبة اهمية هذه الغنيمة فرفض إطلاق سراحهم مالم يبوحوا بسر تحضيره . وكان له ما اراد فانتشرت صناعة الورق فى سمرقند ثم بغداد ثم دمشق والقاهرة .. ومن العرب عرف الأوروبيون صناعة الورق ونقلوها الى بقية العالم إذبان الحقب الاستكشافية .. ومنذ تحضيره على يد تسيلون لم يفقد الورق اهميته رغم مرور القرون بل على العكس ترسخت مكانته جيلا بعد جيل وحضارة بعد اخرى . ويعود سر نجاحه وبقائه حتى اليوم رغم تطور برامج التصفح والكتابة الالكترونية إلى انه يبقى دائما أسهل وارخص وأوثق وسيلة لحفظ المعلومات وتداولها !! والآن ؛ أسمحوا لي أن أخبركم عن كيفية اختيار تسيلون ك"سابع أعظم رجل" .. فهذا الوصف مقتبس من قائمة تدعى "أعظم 100 شخصية مؤثرة في التاريخ" وضعها المؤرخ الامريكي "مايكل هارت" .. وهي قائمة محايدة ودقيقة أتى فيها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى المركز الاول / والعالم الانجليزي اسحق نيوتن في المركز الثاني / وعيسى المسيح في المركز الثالث / وبوذا في المركز الرابع / وكونفشيوس في المركز الخامس / والقديس سانت بول في المركز السادس / فيما احتل تسيلون المركز السابع / وجوتينبرج الألماني (مخترع المطبعة) في المركز الثامن .....!! والإسم الأصلي للكتاب : THE 100 MOST INFLUENTIAL PERSONS IN HISTORY