ذات يوم، في سلوكٍ أحمق، وغرور وامتلاء أجوف، وفي حالة فقدان توازن، وفهم، ووعي بالقدرات، وتقويم للإمكانات والأوزان والأحجام، في لحظة من اللحظات الجنونية تبجحت الهرة أمام اللبوءة باستعلاء، وتكبّر، وادعاء، وعيرتها بقلة نسلها بينما هي تلد أكثر من مرة في السنة، وفي كل ولادة تلد عدداً كبيراً، وتفرخ مجموعة تتكاثر بشكل ملفت. سمعت اللبوءة هذا الكلام والادعاء، والغرور، والبجاحة التي خرجت عن حدود العقل. فأجابتها بجواب واحد، واحد فقط. - نعم. ولد واحد في السنة، ولكنه يا عزيزتي أسد..!! هذا الجواب الرائع من اللبوءة، أحبه كثيراً، أعشقه، أرى فيه جواباً حكيماً، صادقاً، واقعياً، ومختصراً، ومفحماً - أيضاً - دون أن تدخل في جدل، أو تضع نفسها في موقف «لا تجادل الأحمق، فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما» ، ودون أن تعطي فرصة للهرة كي ترضي غرورها، وتسترسل في حماقاتها، وتفرح بأنها وقفت نداً للبوءة، وحاكمتها، وعيرتها، وربما تدعي أنها انتصرت عليها. في الحياة هناك الكثير من الأدعياء، الجهلاء، والجاهل عدو نفسه. وفي الحياة هناك الكثير من الأغبياء، الممتلئين بأشياء كثيرة من النرجسية، والشوفينية، ومن الأمراض والعقد النفسية. هؤلاء يملأون الدنيا صراخاً، وضجيجاً، وانفعالاً، وتعلو أصواتهم بحيث، تكون حالة إزعاج للآخرين، وتشتيت لهدوء الفكر، والتفكير، وعمل العقل، في محاولة بائسة وتعيسة لملء الفراغ الفكري، والذهني، والثقافي، والحياتي الذي يعيشونه، وتغطية الخلل الفاضح في التأهيل، والمخزون الثقافي، وهلامية الفهم، أو فقدانه للتأثير، والحوار، ومد الجسور مع الآخرين للإثراء، والتطوير، والخلق، والإبداع. الادعاء، والزيف، وتنويع الأقنعة لايمكن ، في المطلق ، أن تخفي حقيقة أن الثروة العقلية للإنسان هي في الوعي، والتنوير، والتحصيل المعرفي والثقافي، والاستفادة من الكم الهائل للتجارب الحياتية، واحترام الآخرين في آرائهم، وتجاربهم، ومعارفهم. لنكن متواضعين دوماً، ونترك العقل يعمل، والحب سلوك متأصل في التعاملات، والعلائق. ونعترف بجهود الآخرين. لابأس، لا حرج، لا غضاضة، أن نتذكر دوماً جواب اللبوءة. «ولد واحد في السنة، ولكنه أسد»!؟