لقد تبقى الآن أقل من ستة أشهر حتى عقد الجولة المقبلة من مناقشات الأممالمتحدة لتغير المناخ في كوبنهاجن. وإذا كان المجتمع العالمي يرغب في الاشتراك بالعمل على تحقيق الأهداف التي وضعت في بالي لخفض مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة، فإنه من الضروري أن يتم التوصل إلى اتفاق في الدنمارك. وتتمثل إحدى أكبر العقبات التي قد تحول دون التوصل إلى اتفاق في كوبنهاجن في كيفية مساعدة الدول النامية في تمويل سياسات من شأنها أن تحد من انبعاثات الكربون الخاصة بها، وتمكينها من التعامل مع التغييرات التي يؤدي تغير المناخ إلى التسبب بها في بلدانهم. ويدرك الجميع بأن العالم المتقدم سوف يحتاج لدفع الأموال للبلدان الأقل نمواً. إلا أنه لم يكن هناك نقاش جدي حول حجم التمويل المطلوب، أو الكيفية التي سيجري بها تحويله. إن البلدان المتقدمة قلقة من أن تكون التكلفة مرتفعة جداً، وخاصة في وقت كساد عالمي، والدول النامية قلقة من أن يكون حجم التمويل المعروض غير كاف. وبغرض البدء بمناقشة جادة قبل كوبنهاجن، قام دولة رئيس الوزراء البريطاني، جوردون براون بإلقاء خطاب في يوم 26 يونيه 2009 (الموافق 3 رجب 1430ه) يوضح فيه أفكاره المتعلقة بشكل الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه. وهو يعتقد بأن نقطة البدء تتمثل في وضع رقم يحدد مبلغ المال الذي سيكون مطلوبا. وقد قدر دولة رئيس الوزراء وفقاً لآخر المعلومات المتاحة بأنه بحلول العام 2020، يجب أن تتلقى البلدان النامية سنوياً 100 بليون دولار أمريكي للتصدي لتغير المناخ. وقد أورد دولة رئيس الوزراء في خطابه الكيفية التي يعتقد بأنه يمكن من خلالها جمع مبلغ 100 بليون دولار أمريكي: * ينبغي أن يتم توسيع نطاق سوق الكربون العالمي (الاتجار بالانبعاثات) لتتمكن من توليد نسبة كبيرة من التمويل. * سوف تقوم المملكة المتحدة بدعم آلية تلقائية لتوليد تدفقات يمكن التنبؤ بها من التمويل العام الدولي؛ وقد اقترحت النرويج أحد سبل تحقيق ذلك. فقد اقترحت عرض نسبة ضئيلة من تراخيص الانبعاثات الدولية في مزاد. * ينبغي أن تساهم جميع البلدان، مع أن أشد البلدان فقراً ستكون معفاة، وسيدفع إلى جميع البلدان النامية أكثر مما تقوم بدفعه. * ناقش دولة رئيس الوزراء بأنه لا ينبغي استخدام أكثر من 10٪ من مساعدات دول ما وراء البحار الانمائية في تمويل المناخ، وعلى الحكومات أن تواصل منحها لنسبة 0.7٪ من ناتجها المحلي الإجمالي للمساعدة على نطاق أوسع. *لا بد من إنشاء هيئة دولية جديدة لضمان التنسيق بشكل أفضل فيما يتعلق بكيفية حصول الدول النامية على هذه الأموال. وتقوم هذه الهيئة بما من شأنه أن يضمن انفاق الأموال بكفاءة وفاعلية على الانبعاثات المنخفضة، والتكيف المناخي، وخطط التنمية المستدامة. وسوف يكون للبلدان النامية والبلدان المتقدمة على حد سواء صوت متكافئ داخل المنظمة. ماذا يعني ذلك بالنسبة للمملكة العربية السعودية؟ تتوقع الحكومة البريطانية قيام السعودية باستخدام بعض مواردها المحلية في تمويل مشاريع التخفيف داخل المملكة وعملياً، تقوم حكومتهم بالفعل بانفاق أموال في هذا المجال (البحث في مجال الطاقة الشمسية، وخفض الإعانات على القمح لتوفير المياه، وتشجيع المزارعين على الاستثمار خارج المملكة، والاستثمار في المزيد من محطات تحلية المياه). وفي الوقت نفسه، تظل المملكة تتلقى مبلغاً من العالم المتقدم من خلال سوق الكربون عبر استخدام آلية التنمية النظيفة ومن خلال التمويل العام المباشر. وستطلب المملكة المتحدة من المملكة في إطار تمويل الجنوب استخدام بعض من برنامج مساعداتها الخارجية السخي جداً (أي أكثر من 10٪) في مساعدة البلدان الأشد فقراً، مثل بنغلاديش وجزر المالديف، في تصديها لآثار تغير المناخ. مع العلم بأن المبالغ التي ستتلقاها المملكة سوف تفوق الأموال التي ستقوم الحكومة بإنفاقها، بما يجعل المملكة المستفيد الأوحد في إطار هذا الاقتراح. إن خطة دولة رئيس الوزراء هي نقطة انطلاق للمناقشة. ولكن لكي يكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق في كوبنهاجن، فإن البلدان بحاجة للبدء الآن بوضع عروض جدية تتعلق بالكيفية التي ستساهم بها في جمع الأموال اللازمة لمعالجة تغير المناخ بصورة فعّالة. ويحدوني الأمل في أن تبدأ البلدان الأخرى الآن، بما فيها المملكة، بالتقدم بعرض أفكارها. *السفير البريطاني في المملكة العربية السعودية