تقام في المملكة العديد من المؤتمرات السنوية التي تختتم بحزمة من التوصيات، إلا أن عددا كبيرا من هذه التوصيات لا ترى النور، فيما تكلف هذه المؤتمرات ميزانيات ضخمة تثقل كاهل المنظمين.يقول الدكتور عبدالله بن محمد الربيش وكيل جامعة الملك فيصل بالدمام « وضع توصيات في ختام المؤتمرات والملتقيات سياسة علمية جرت العادة على اتباعها سعيًا من المنظمين لها إلى تحديد مخرجات هذه الأنشطة وحصرها تمهيدًا للبدء في تنفيذها، وتعتمد درجة نجاح هذه التوصيات وتفعيلها بالدرجة الأولى على لجان المتابعة، وغالبا ما تكون هناك اجتماعات دورية لمتابعة ما تم إنجازه من هذه الأنشطة وتحديد المعوقات التي تحول دون إكمال ما تبقى من التوصيات، وتحرص اللجان المنظمة بقدر الإمكان على موضوعية التوصيات وقابليتها للتنفيذ وامكانية قياسها وتحديد مؤشرات إنجازها». وأضاف أن من أهم أسباب عدم تطبيق التوصيات هو عدم قناعة أصحاب القرار بها، وعدم قابلية هذه التوصيات للتنفيذ، وغياب الإرادة اوالتمويل. المسئولية مشتركة فيما يرى الدكتور عبدالله بن حسين القاضي الأمين العام لجمعية البر بالمنطقة الشرقية أن اللجنة العلمية للملتقى تحرص باستمرار على اختيار المحاور العلمية والبحثية التي تتيح للمشاركين التعرف على التجارب الناجحة في هذا الميدان، موضحا أن المسئولية مشتركة في تطبيق التوصيات بين اللجنة الفنية للملتقى والجهات المستفيدة منها، موضحاً أنه «من ناحيتنا فإننا نتابع بكل حرص واهتمام تنفيذ هذه التوصيات مع الجهات المعنية كل فيما يخصه ونلاقي استجابة طيبة من كثير من هذه الجهات».من جانبه ربط الدكتور سمير العمران مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية «بنات» نجاح التوصيات بفاعلية اللجنة المكلفة بدراستها وتنفيذها، مشيراً إلى أن من أهم اسباب عدم التطبيق «مدى تفهم اصحاب الصلاحية وتجاوبهم ورؤيتهم المستقبلية لتلك التوصيات، ومدى توفر ميزانية تتوازن مع تطبيق التوصيات، وغياب المتابعة المباشرة للجنة المكلفة، وعدم التنسيق بين الجهات المعنية». التوصيات في الأدراج! من جهته قال الدكتور عبدالوهاب القحطاني استاذ الادارة الاستراتيجية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن إن « الكثير من التوصيات التي انتهت إليها هذه الندوات والمؤتمرات وأرسلت إلى الجهات التي يفترض أن تُفعِلُها أو تُفعِلَ ما تستطيع منها أصبح مصيرها الإهمال والنسيان وحفظت في الأدراج إلى أجل غير مسمى». وأضاف «في وضع كهذا يحسن البحث عن الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة الخطيرة، فهل يعود السبب إلى عدم اقتناع الجهات ذات الاختصاص بالتوصيات لضعفها أو لعدم وجود أساس علمي يعززها؟، وإن كان الأمر كذلك فيجب مناقشة ومحاورة الجهة المنظمة بشأن هذه الملاحظات، أما اذا كانت هناك أسباب أخرى فلا بد من كشفها كي تؤخذ في الاعتبار». واضاف «ومن الأسباب المحتملة لعدم الأخذ بالتوصيات الاعتبارات الفلسفية، فالمؤسسة أو الجهة المنظمة للمؤتمر ربما تعتنق فلسفة عمل مختلفة عن تلك التي قد تنفذ وتطبق بها التوصيات، لكن هذا السبب يفترض ألا يكون عائقاً في هذا الشأن إذ بالتحاور والمناقشة بين ذوي الاختصاص يمكن تجاوز هذه المعضلة»، ويضاف إلى الأسباب السابقة سبب رئيسي ألا وهو شعور الجهة ذات العلاقة بالتوصيات أن الأمر مفروض عليها خاصة إذا جاء من جهة مستقلة كأن تنظم المؤتمر جامعة والموضوع يخص التعليم العام ، ومثل هذا العذر يعالج من خلال دعوة الجهة ذات العلاقة للمشاركة في المؤتمر بأبحاث ودراسات حول الموضوع تجاوزاً لمثل هذه المشكلة». وأوضح الدكتور القحطاني أن من أهم الأسباب كذلك هو عجز الجهة المعنية عن تنفيذ التوصيات إما لقصور إداري أو فني او مادي، و قال»بالرجوع إلى توصيات ندوات عقدت منذ سنين نجد (المبادرة إلى إنشاء المباني المدرسية الحكومية بدل المستأجرة، والتوسع في القبول في التعليم العالي، والاهتمام بالدراسات الفنية، والحد من التخصصات غير المطلوبة في سوق العمل، والاهتمام بالمناهج وتطويرها، والإرشاد الطلابي، والتأكيد على التعليم التطبيقي بدلاً من التعليم النظري السائد في المدارس والجامعات، والأخذ بالتعليم التكاملي من قبل المدارس والمدرسين، وتدريب المعلمين على رأس العمل)، كل هذه التوصيات والعشرات من أمثالها قدمت في مؤتمرات وندوات شارك فيها الكثير من المتخصصين، ولكن أغلبها لم يفعل»، وطالب بان يكون هناك جهة رقابية تحت مظلة الدولة لمتابعة تلك التوصيات والالزام بتنفيذها. تفاوت التطبيق ومن جهته قال الدكتور عبدالرحمن بن ابراهيم المديرس مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية (بنين) ان كثيرا من المؤتمرات حققت أهدافها وذلك بمراجعة أولاً التوصيات التي سجلت في المؤتمرات السابقة حتى يقف المشاركون على ارض صلبة عن ماهية المؤتمر المشاركين فيه. وقال» عندما يبدأ المؤتمر يتم في البداية وضع الاهداف المتوخاة منه، واذا لم يحقق أهدافه فلا قيمة لهذا المؤتمر في تحقيق الاهداف الاستراتيجية من إقامته». واعترف المديرس بأن هناك مؤتمرات حققت أهدافها المرجوة منها وان هناك اخرى لم تحقق اهدافها، والثانية تسبب في هدر مالي لوزاراتها وإداراتها الحكومية والخاصة، مؤكداً ضرورة إعادة رسم استراتيجية تلك المؤتمرات. ومن أبرز المعوقات قال المديرس «كلما كان المؤتمر مخططاً له كلما كان كان ناجحاً وتخطى المعوقات»، واضاف «البعض للأسف يعتقد إن اليوم الأخير للمؤتمر هو (هم وإنزاح)، فإذا لم نحقق التوصيات فهذا يعني اننا خططنا للفشل». و قال ان من المعوقات الأخرى كذلك كثرة التوصيات، مؤكداً ضرورة قابليتها للتنفيذ والقياس.