«60» مؤتمرا وندوة وملتقى علميا نظمتها الجهات المختلفة في موسم الحج خلال ال 35 عاما الماضية، تقاسمتها وزارة الحج التي كان لها النصيب الأوفر ب36 ندوة، ورابطة العالم الإسلامي ب12 مؤتمرا، ومعهد أبحاث الحج ب12ملتقى عمليا ولكن ماذا قدمت؟ الجواب إنها تناولت مواضيع مختلفة في نسك الحج خصوصا، وفي هموم المسلمين عموما، تنوعت مابين شرعية وفقهية وثقافية واقتصادية وهندسية وتنظمية وصحية وسلوكية، ورغم القيمة الكبرى لهذه المؤتمرات والندوات التي تشرف بحضور كبار العلماء والفقهاء والباحثين والمختصين من داخل وخارج المملكة، وتجد رعاية كبيرة من الدولة، إلا أن الاسئلة التي تدور في الأذهان عن مدى انعكاس هذه المؤتمرات والندوات والملتقليات على واقع الأمة، ومامدى استفادة الجهات العاملة في الحج من توصياتها. وهل ما يخرج من هذه المؤتمرت والملتقيات التي تقوم عليها وزارة الحج ورابطة العالم الإسلامي ومعهد أبحاث الحج يفعل على أرض الواقع، أم أنها تظل حبرا على الورق، وهل تستعين هذه الملتقيات بأصحاب الخبرة الميدانية أم أنها تكتفي بالجوانب التنظيرية والأكاديمية. ولو افترضنا أن كل مؤتمر ناقش عشرين بحثا وبحسبة بسيطة نجد أن 20 بحثا في 60 مؤتمرات يساوي 1200 بحث، فما هو مصير هذه البحوث؟ وماذا أضافت لتطوير خطط الحج وتوعية الحجاج من جهة؟ وماذا قدمت للخروج بالأمة من تراجعها من جهة أخرى؟ الآراء اختلفت حيال هذه المؤتمرات والندوات، فقسم يرى أنها تقليدية غارقة في النخبوية توصياتها تنظيرية وغير قابلة التطبيق على أرض الواقع، والقسم الثاني يرون أنها تلامس قضايا الأمة عموما والحج خصوصا، إلا أن توصياتها لا تجد متابعة جادة لتطبيقها!، والقسم الثالث يرى أن الفائدة منها كبيرة لكنها بحاجة للتطوير والتنويع في مواضيعها بحيث لاتقتصر على الجوانب الشرعية وتركز على الجوانب العلمية والسلوكية والتطبيقية. «عكاظ» فتحت ملف مؤتمرات وندوات الحج طارحة الأسئلة آنفة الذكر على العلماء والفقهاء والباحثين والمفكرين والجهات العاملة في الحج، وواجهت الجهات القائمة على هذا الندوات والمؤتمرات، وخلصت بالتوصيات لتطوير واقع المؤتمرات والندوات في سياق التحقيق التالي: يشخص نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عضو المجامع الفقهية وزير العدل الموريتاني السابق الدكتور عبدالله بن بيه واقع المؤتمرات والندوات بقوله «هذه المؤتمرات لها إسهمات كبرى في التأصيل لكثير من القضايا المتعلقة بالحج ونجحت بذلك لكن مشكلتها في وسائل التوصيل ونشر توصياتها للجهات ذات العلاقة». وأضاف «هناك شيء من التقصير في نشر التوصيات وتوزيعها على الدول الإسلامية للاستفادة منها»، ودعا بن بيه وهو أحد المشاركين الدائمين إلى تطويرها بترجمة توصياتها وتوزيعها على الدول الإسلامية ومتابعتها عبر لجان مخصصة لتنفيذ بنودها. لكن عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، يرى أن هذه الأسئلة يجب أن توجه للجهات القائمة على هذه المؤتمرات والندوات. ووصف المنيع هذه المؤتمرات والندوات بأنها ذات خير كبير وفائدة ملموسة بما تناقشه وتخرج به من توعية وتوجيه وتبصير للحاج والمسؤول وتحقيق المقصد العظيم للحج، مؤكدا على أن كثيرا من توصياتها تتحقق ويدلل على ذلك بتطور خطط الحج والتعاون الكبير بين بعثات الحج مع المطوفين ووزارة الحج لما فيه راحة الحجيج وأمنهم واستقرارهم. تحمل المسؤولية ويرفض مفتي القدس وإمام وخطيب المسجد الأقصى الدكتور عكرمة صبري، تحميل القائمين على المؤتمرات والندوات المسؤولية وحدها، بل يرى في أن حكومات الدول الإسلامية تتحمل جزءا من المسؤولية من خلال تقصيرها بنشر التوصيات وتطبيقها، خصوصا فيما يتعلق بجوانب توعية الحجاج وتوجيههم وتنويرهم وهو ماتركز عليه هذه الندوات والمؤتمرات. بينما يعتبر قاضي قضاة الأردن مستشار ملك الأردن الدكتور أحمد هليل، أن مجرد تجمع العلماء والفقهاء والباحثين في الحج يعتبر إنجازا يتماشى مع مقصد الحج العظيم، مبينا أن الحج ركن من أركان الإسلام له حكم عظيمة ومنافع كريمة استجابة لنداء الحق الخالد: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)، مؤكدا أن هذه المؤتمرات تحقيق لقوله تعالى (ليشهدوا منافع لهم) ذلك أن الحج عبادة جماعية تتحقق فيها معاني روح الجماعة وحكم هذه الطاعة. مشددا على أن هذه المؤتمرات والندوات التي تتشرف المملكة بتنظيمها ودعمها ورعايتها واستضافة نخب من العلماء المسلمين ورجالات الفكر والثقافة يستفاد منها في تجلية الحكم والدروس والعبر والعظات من هذا النسك العظيم، معتبرا أن توجيهات ولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز رئيس لجنة الحج العليا لجميع الوزارات والهيئات المعنية بإيلاء هذا الجانب العظيم جل اهتمامها وغاية رعايتها في عقد تلك المؤتمرات والندوات في مجالات التوعية والإرشاد في الحج، وكذلك في القضايا التي تتعلق بشؤون الأمة الإسلامية. لكن هليل يرى أنه بالرغم من أهمية الجهود المبذولة لعقد هذه المؤتمرات، فإنه ينصح أن تكون هذه المؤتمرات والندوات مبرمجة قبل موسم الحج بزمن مناسب ويكلف بعض العلماء والمفكرين والدعاة بالإعداد والتحضير لبحوث قيمة ومدروسة مع استخلاص النتائج والتوصيات، في شتى الموضوعات التي تتعلق بشؤون الأمة وقضاياها وتوزيعها ومتابعة تطبيقاتها، مؤكدا حاجة الأمة لمثل هذه المؤتمرات والندوات والملتقيات للنهوض بهذه الأمة وجمع كلمتها وتوحيد صفها وتحقيق تعاونها على البر والتقوى. إنجاز الاجتماع ويتفق عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت الدكتور محمد الطبطبائي مع رأي هليل، بأن مجرد الاجتماع يعتبر إنجازا كون الحج بطبيعته مؤتمر عالمي يجتمع فيه المسلمون من كل أصقاع العالم، مؤكدا أن هذه المؤتمرات فرصة للتواصل وتبادل الخبرات بين المتخصصين في كل المجالات، منوها بأن أهم مؤتمرات الحج هي ماتتعلق بالقضايا الفقهية والعقائدية. لكن الطبطبائي، يرى أن التوصيات التي تخرج من المؤتمرات تختلف، فبعضها قديم ومكرر لكنه يؤكد على بعض الأمور التي يجب أن تفعل، وهناك توصيات جديدة يجب أن تسعى الجهات التي تتعلق بها سواء أكانت دول أو جهات على تطبيقها لما فيه مصلحة الأمة والرقي بخطط الحج. ويطرح الرئيس السابق للجنة العلمية لمؤتمر مكةالمكرمة الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي الدكتور أحمد بن نافع المورعي تساؤلا هل تحقق المؤتمرات والندوات التي تعقد في الحج الفائدة المطلوبة، مؤكدا أن هذه الملتقيات مفيدة لكن نسبة الفائدة تتحدد بمدى تنفيذ هذه التوصيات وتحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها هذه المؤتمرات. وأشار المورعي إلى أن مشلكة هذه المؤتمرات أنها تضع توصيات بعضها يطبق والبعض الآخر لايطبق، بسبب عدم المتابعة من جهة، وصعوبة تطبيقها من جهة أخرى، كون كثير من توصيات المؤتمرات المنعقدة في الحج تنظيرية ولايمكن تحقيقها على أرض الواقع، داعيا القائمين عليها للتركيز على الخروج بتوصيات عملية قابلة للتطبيق في الميدان. وطالب المورعي للحكم بشكل أكثر واقعية على هذه المؤتمرات بالتوجه للجهات العاملة في الحج لسؤالها عن مدى استفادتها من توصيات هذه المؤتمرات في خططها المطبقة في الحج. الجهات العاملة بدورنا واجهنا الجهات العاملة في الحج لسؤالها عن استفادتها من هذه المؤتمرات والندوات ومشاركتها فيها، وهنا يرى مدير التوجيه والتوعية في وزارة الداخلية الدكتور سعد اللحيد، أن لهذه المؤتمرات أثراً إيجابياً كأثر البناء، لكنه يطالب بالارتقاء بها بشكل أكبر باشراك كل الجهات العاملة في الحج، مع ضرورة استقطاب الخبراء والمختصين من خارج المملكة للاستفادة منهم، مناديا بالتركيز على القضايا ذات البعد الأمني التي تسهم في تعريف الحاج بدوره في حفظ الأمن من خلال التزامه بالتعليمات، ويرى اللحيد أن قصور هذه المؤتمرات كون توصياتها لا تفعل بشكل كبير، داعيا إلى تفعيل التوصيات من خلال توزيعها على الدول، معتبرا أن هذه المؤتمرات ستسهم مع الجهود الأخرى التي تبذل في السفارات والمطارات بتوعية الحجاج والنهوض بخطط الحج. بينما يرى قائد قوات أمن الحج اللواء ناصر العرفج، أن لهذه المؤتمرات والندوات تأثير إيجابي من نواحي توعية الحجاج بضرورة الإلتزام بهذه الخطط في تنظيم حركة الحج، واتفق العرفج مع اللحيد بضرورة أن تركز مؤتمرات الحج وندواته على القضايا الأمنية والتنظيمة، وترجمة التوصيات وتعميمها على الدول لتساهم في التزام الحجاج بالخطط. دعوات مهملة من جانبه، أبدى وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية المشرف العام على المشروعات التطويرية المركزية في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة الدكتور حبيب زين العابدين، تعجبه من عدم دعوته لحضور هذه المؤتمرات والندوات التي تنظم في الحج قائلا: لا أعرف هذه المؤتمرات ولم يسبق أن دعيت لها ولا أعرف نتائجها وليس لها علاقة بمشاريعنا. وهو ما أكده رئيس لجنة تقييم الأئمة والخطباء في وزارة الشؤون الإسلامية والمشارك في برامج التوعية الإسلامية في الحج الدكتور عزام الشويعر، الذي بين أن الدعاة العاملون في التوعية الإسلامية في الحج لايدعون لمثل هذه المؤتمرات والندوات التي هي في الغالب تركز على الجوانب الشرعية، مشيرا إلى أنها تأخذ الجوانب الأكاديمية والتنظيرية وتهمل الجوانب الميدانية، لافتا إلى أن الدعاة هم أكثر الناس التصاقا بالحجاج ومعرفة بمشاكلهم والأولى بالتواجد في مؤتمرات الحج، مشددا على أن التوصيات لاتوزع ولايصلنا منها شيء حتى يستفاد منها، مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الإسلامية غائبة تماما عن التواجد في ندوات وملتقيات الحج، ولا يدعى أحد من العاملين في التوعية في الحج لها. مشيرا إلى أن غياب الدعاة الميدانيين يجعل هذه الملتقيات بعيدة عن هموم وحاجات الناس، وبالتالي تفقد بعض أهميتها، وعد الشويعر غياب الجهات العاملة في الحج عن هذه الملتقيات خللا كبيرا يضعفها؛ لأنها تدل على أنها أكاديمية تنظيرية لا تولي الجانب الميداني والعملي أهمية، رغم أنها تعتبر جزءا مكملا للجانب النظري في البحوث العلمية، وتساءل الشويعر لماذا لا يدعى بعض العاملون في التوعية ويطلب منهم عمل بحوث ليستفاد منها، مناديا وسائل الإعلام بإيلاء هذه المؤتمرات التغطية الإعلامية حتى تنشر الفائدة، وفي نفس الوقت دعا المراكز البحثية لدراسة مدى الفائدة من مؤتمرات وندوات الحج لتطويرها والارتقاء بها. ويؤكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور خالد المرغلاني، أن مؤتمرات الحج مفيدة وفعالة لكنها بحاجة لتنسيق أكبر مع الجهات المشغلة في الحج لفائدة الطرفين، ولفت المرغلاني إلى أهمية نقل هذه المؤتمرات عبر وسائل الإعلام للاضطلاع عليها واستفادة الحجاج منها. ويدافع المستشار المشرف على التلفزيون السعودي عبد الرحمن الهزاع، عن دور الإعلام مبينا أن وسائل الإعلام تولي هذه المؤتمرات والندوات التي تعقد في موسم الحج اهتماما كبيرا، ويخصص لها مساحة كبيرة للتغطية والنقل لتعميم الفائدة، معتبرا أن الإعلام شريك في إنجاح هذه المؤتمرات، لكنه يرى أن الحكم عليها يعتبر غير منصف في ظل الافتقاد لدراسة عملية حولها. تطبيق ممكن لكن أمين العاصمة المقدسة العميد الأسبق لمعهد خادم الحرمين الشريفين الدكتور أسامة البار، ينفي أن تكون توصيات المؤتمرات غير قابلة للتطبيق، مشيرا إلى أي ملتقى يقام في الحج يدخل في مناط الآيه الكريمة «ليشهوا منافع لهم». وأضاف البار «حتى لو لم تكن هناك توصيات قوية فإن أبحاثها تثري المكتبة الفقهية والاجتماعية والاقتصادية»، ويشير إلى توصيات مؤتمرات الحج تجد طريقها للتطبيق لكنها بحاجة لمزيد من التفعيل والمتابعة. ويرفض عميد معهد أبحاث الحج الدكتور عبد العزيز سروجي، أن تكون مؤتمرات الحج ذات فائدة محدودة، مستدلا بالملتقى العلمي التي ينظمه المعهد 12 مرة، وطرح كل مايتعلق بأمور الحج الهندسية والبيئية والمعلوماتية، مبينا أن الملتقى يخرج بتوصيات وترفع للمقام السامي لاعتمادها وتنفيذها، كما أنها توزع على جميع الجهات التي تخصها، واعترف سروجي أنه ليس كل التوصيات تأخذ طريقة للتنفيذ، ولكنه عاد ليشير أن البعض الآخر ينفذ مستشهدا بمنع المركبات دون 25 راكبا، والتي كانت من التوصيات المرفوعة وتوفير وسائل نقل كالقطار. وأرجع سبب عدم تنفيذ التوصيات لحاجاتها للوقت لوجود بعض الملاحظات التنفيذية عليها، معترفا في الوقت نفسه بأن هذه المؤتمرات والملتقيات تأخذ الجانب التنظيري والعلمي، ولاتولي الجانب الميداني الاهتمام الأكبر، مؤكدا أن التوصيات النظرية قد تعترضها عوائق على أرض الميدان مما يؤخر تنفيذها. وأشار سروجي، إلى سبب آخر يساهم في عدم الأخذ بالتوصيات، وهو حاجتها للتمهيد لسنوات طويلة قبل تنفيذها، مثلما يحدث مع توسعة صحن المطاف الذي مازال في طور الدراسة، وقد اتخذت بعض الحلول كإزالة خط البداية، وإبعاد الكتابة عن الحجر الأسود، وضرب سروجي مثلا آخر متمثل بجسر الجمرات الذي احتاج عدة سنوات لتنفيذه ومن قبلها دراسات طويلة، مشددا على أن المهم في النهاية أن تنفذ التوصيات ولو تأخرت؛ لأن كثيرا منها يحتاج للدراسة الميدانية وإزالة العقبات قبيل التنفيذ داعيا إلى ضرورة إشراك المطوفين في هذه المؤتمرات. نفي المطوفين بدورهم، ينفي المطوفون دعوتهم لحضور أي مؤتمر أو ندوة، مؤكدين أن توقيتها خاطئ لأنها تأتي في وقت الذرورة والجميع مشغولون عنها. وهو ما يشير إليه رئيس المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج إيران، مطالبا بتوسيع قاعدة المشاركين من مطوفين وحجاج، وإعادة النظر في طريقة إيصال المعلومات للحاج من خلال هذه المؤتمرات. ويقترح رئيس المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج جنوب شرق آسيا زهير سدايو، أن تتم طباعة توصيات هذه المؤتمرات والندوات وترجمتها مع تبسيطها وتوزيعها على الحجاج والجهات ذات العلاقة. وانتقد سدايو عدم وجود وسيلة لقياس مدة الفائدة والتأثير من هذه المؤتمرات، لكنه يرى أنها تناقش مواضيع مهمة ومطلوبة. ويختلف نائب رئيس المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج جنوب آسيا الدكتور رشاد محمد حسين مع رأي سدايو، مشيرا إلى أن هذه المؤتمرات غارقة في النخبوية وبعيدة عن هموم وتطالعات الحاج والمسؤول، كما أنها تفتقد للجوانب التطبيقية لذلك، فإنه من الصعوبة بمكان تنفيذ كثير من توصياتها، ويرى حسين أن هذه المؤتمرات والندوات تغفل جانبا مهما وهم المطوفون، الذين إن لم يدعوا فهم لايستطيعون الحضور بسبب ضيق الوقت لديهم، حيث إن أغلبهم مشغولون مع حجاجهم، كما أن الحجاج يجدون صعوبة في الوصول إليها من ناحية البعد وعدم وجود مواصلات لنقلهم إليها. واقترح الدكتور رشاد نقل فعاليات هذه المؤتمرات عبر وسائل الإعلام والتقنية الحديثة لمساكن الحجاج ومحاولة إيجاد وسائل لمشاركتهم فيها، معتبرا أن بعض المواضيع التي تطرح مفيدة في حال توسيع قاعدة المشاركة. واعترف المطوف طلال الجبالي بعدم حضور أي مؤتمر أو ندوة في الحج بسبب عدم دعوتهم إليها، مطالبا بضرورة إشراك المطوفين وؤساء بعثات الحج فيها. دعوة الأكاديميين لكن مطوفين آخرين يؤكدون تلقيهم لدعوات الحضور، ليس لأنهم مطوفون، لكن كأكاديميين وهو ما بينه رئيس جامعة أم القرى الأسبق الدكتور سهيل بن حسن قاضي، مبينا أن مشكلة هذه المؤتمرات في توقيتها غير المناسب، الذي يصادف ذروة الحج، مشيرا إلى أنه لا يستفيد من هذه المؤتمرات سوى ضيوف وزارة الحج والرابطة والمشاركين فيها، لافتا إلى أن الفائدة الوحيدة التي يجنيها المشاركون، هي أنها تعطي فرصة لهم لأداء فريضة الحج، رغم أن كثيرا منهم يؤديها في كل عام. ورأى قاضي أن هناك تكرارا كبيرا في المواضيع المطروحة، واستدرك أن بعضها تطرح مواضيع إيجابية لكن توصياتها بحاجة لمتابعة وتفعيل، وهو ما أقدمت عليه ندوة الحج الكبرى عندما طرحت موضوع التوعية والتيسير والاستطاعة في الحج، مؤكدا أن تعميق هذه المفاهيم سيرتقي بالحج، واستدل على أن هناك كثيرا من الحجاج يأتون للحج ولا تنطبق عليهم شروط الاستطاعة الشرعية، مبينا أن تفعيل التوصيات وزيادة جرعات التوعية عبر هذه المؤتمرات أمر مطلوب، مؤكدا أن كثيرا من توصياتها لا تفعل ومصيرها كمصير كل مؤتمراتنا حبر على ورق وتطوى مع إنطواء المؤتمر، واصفا جل المؤتمرات والندوات بأنها خطابات إعلامية لا تفي بالغرض. ويدافع المطوف الدكتور أحمد البناني الذي يعمل عضوا للتدريس في جامعة أم القرى عن مؤتمرات وندوات الحج، مؤكدا أنها مفيدة وتوصياتها قابلة للتطبيق، لكن بعضها تتأخر بسبب حاجتها لوقت أطول للتنفيذ، مشددا على أن كثيرا من توصيات هذه المؤتمرات تساهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة للحجاج وتوجيههم وإرشادهم وتطوير خطط الحج، وأنها تلقى حضورا إسلاميا كبيرا وتحظى بثناء عالمي. ندوات تقليدية لكن المطوف الدكتور والباحث فايز جمال، يخالف كلام البناني، ويؤكد على آراء من سبقوه من المطوفين بأن هذه المؤتمرات والندوات تقليدية وتوضع في أوقات غير ملائمة للمطوفين والحجاج والباحثين والأكاديميين، واستدل على صحة كلامه بأن هذه المؤتمرات لا تحظى بحضور كبير إلا في حفل الافتتاح الذي يرعاه أمير منطقة مكةالمكرمة أو الوزير، بينما نجد أن باقي الجلسات بلا حضور ولاتغطية إعلامية سوى الباحثين انفسهم وضيوف الندوة والرابطة من خارج المملكة، ووصف جمال توصيات هذه المؤتمرات بأنها نظرية بحتة غير قابلة للتطبيق، مقترحا أن يعاد النظر في توقيتها بحيث تقام قبل الحج بأسبوعين مثلا، وشدد على أهمية وجود جهات تباشر متابعة تنفيذ التوصيات، داعيا في الوقت نفسه إلى إشراك رؤساء بعثات الحج لتعميم الفائدة. رؤساء البعثات أثنوا على هذه الندوات والمؤتمرات لكنهم يرون أنهم بعيدون عنها، وأجمع رئيس البعثة الكويتية الشيخ رومي مطر رومي، والمغربي الدكتور أحمد القسطاس واللبناني إبراهيم العيتاني على أن الفائدة كبيرة منها، وتساهم في توعية الحجاج، مطالبين بوجود آلية تسمح بمشاركة رؤساء بعثات الحج في هذه المؤتمرات والندوات كونهم معنيون أكثر من غيرهم بالتعامل مع حجاج بلدهم وحضورهم لمثل هذه المؤتمرات سيثريها، وستعكس بشكل إيجابي على الارتقاء بالحج وخططه، والنهوض بالأمة الإسلامية من خلال المساهمة في تفعيل توصياتها.