حينما تنبض الأرض حُباً، تتفجَّر أنهاراً من شعر.. يتدفق في أوردة وشرايين تضخ الشوق.. يصعد بالدفء.. ينشره من أخمص قدم البحر إلى رأس الجبل الغافي.. يتوسد هام السُّحب.. و«دايم السيف» يخفق.. وخالد الأمير في سماء الشعر يخفق.. وبأجنحة الإبداع يُحلٍّق..! والبوح إن جاء تنفيساً في حين فهو يتصاعد حتى يصبح تبريحاً تحمله قاطرة الأسئلة: انشد عليك أهل الهوى واسأل ان شفتك بضيق ولازعل أزعل ويجيء التعلل تودداً لا يستعلي ولا يمل: الله يرحم من رحم خِلّه واللي سعى لك بالحكي خلّه مظلوم وجيتك أشتكي لله ما هقوتي إنّك عليّ تزعل ولابد للشكوى من مقدمات ولابد لكل قضية من مرافعات يكون فيها المبرر نفاد الصبر: حسيبك الله علتي عِلّه مالي على الفرقة صبري الأول.. وتأتي لحظة المواجهة أشبه بالامتحان الصعب والعسير، الذي لا يشفع معه الاستذكار آناء الليل وأطراف النهار: أقعد مع الناس مقدر أحاكيه أخشى لساني يختلف في مقوله يغلي الحكي في خاطري مقدر أحكيه يصرخ في صدري صمت قد طال طوله ........ ويتدفق الوجدان، يفصح عما تضمه الجوانح، يبث على موجات تتجاوز أطراف الأرض، بالطول والعرض.. وتبحر إلى وجدان الإنسان في كل مكان، لا تحدها خارطة جغرافية، ولا حدود برية أو بحرية.. إن جواز سفر الإبداع لا يحتاج إلى تأشيرة، ولا تجديد.. إنه جناح يحلّق فوق كل أرض، ويخفق تحت كل سماء.. وحينما تتفجَّر المشاعر تخترق الصمت.. وتنطلق بكل قواها الحسيّة لتلامس شغاف القلوب: ......... وهذا هو الشعر يقدّم إنسانه وليس العكس: قالت: من انت، وقلت: مجموعة إنسان من كل ضد وضد تلقين فيني.. فيني نهار وليل وافراح واحزان. أضحك ودمعي حاير وسط عيني..! وهذا هو الضاحك الباكي لا يكون إلا إنساناً.. مزيجاً من روح وطموح، وورود ونزوح، يقف في عناق طويل ودائم مع الكلمة الصاهلة نافرة الجيد ثائرة النبض من الوريد للوريد: ويتساوى عند المبدع في لحظة المثول والتحول أن يكون الصائد أو المصاد.. ولا عبرة هنا للانتصار أو الهزيمة: تهزمني النجلا وأنا ند فرسان واخفي طعوني والمحبّة تبين إما عرفتيني فلاني بزعلان حتى أنا تراني احترت فيني..!