شاعت عبارة "الجمهور عاوز كده" في فترة ما واتخذت كتبرير للفن الرديء. لكن الحال لم يدم طويلاً فبرز لنا من يتساءل؛ هل على وسائل الإعلام دوماً أن تبحث عن رغبات الجمهور وتلبيها أياً كانت؟. وهذه الفئة تؤمن بأن ما يريده الجمهور قد يكون هو ما يحتاجه كما هو الحال مع النخبة ولكنه قد يكون خلاف ذلك مع فئة عريضة من الناس كالعوام. ولذلك كان الرهان بين "ما يحتاجه الجمهور" و"ما يريده" وأيهما يصنع الرسالة الإعلامية الناجحة؟. أيهما يوصل القناة للنجاح؟. بحيث تضمن المؤسسة الإعلامية رضا المشاهد واستمتاعه في ذات الوقت الذي يُلبي فيه "ما يحتاج إليه". في الحقيقة الموازنة في هذه المعادلة ليست صعبة، فما يريده الجمهور لا يلزم منه أن لا يكون حاجة فعلية له، فالجمهور يريد الترفيه إذ الترفيه حاجة إنسانية معتبرة، والجمهور يريد متابعة الدراما والفنون وهي حاجة له أيضاً، لكن السؤال العريض والفيصل في موضوع كهذا، كيف تقدم هذه المؤسسات احتياجات الجمهور في قالب جيد ومنافس؟. بحيث تستطيع مواءمة برامجها وفق حاجات المشاهدين ورغباتهم مزاوجة بين ما يحتاجونه وما يريدونه وتقدمه في رسالة إعلامية واحدة متسقة مع أهدافها لا متنافرة ولا متضادة مع مفهوم الفن والإمتاع. إن الزمن الإعلامي القادم هو زمن الإعلام المحترف الذي لا يكتفي بالاتكاء على هدفه ومضمونه الجيد" دون الصناعة والقالب الجيد لرسالته، وما لم يكن الجمهور متفاعلاً ومُحدداً لما يحتاجه ويريده ورافضاً لما سوى ذلك فستفشل القنوات في تحديد اتجاهاتها والسير بالاتزان المطلوب.. فتطغى النظريات في الإعلام الموجه والمحافظ والابتذال في القنوات العامة.. وقليل ما يسلم من هذا وذاك!.