بدون شك أن سعينا لبناء مراكز بحوث تتجه إلى احتياجاتنا في المستقبل البعيد، وبقدرات وطنية وخارجية تفترض أن نكون الأوائل في المنطقة، وهي قضية تعلو على الكثير من المشاريع، خاصة ونحن في بيئة صحراوية لا تملك الموارد الكثيرة، كالمياه، وعدم وقوعنا على المناطق الممطرة.. فالبحوث المستمرة للطاقة البديلة التي تسعى لها دول متعددة وتبذل مبالغ كبيرة عليها يجب أن لا تثير مخاوفنا بأن ذلك سوف يلغي قيمة ومستقبل نفطنا، لأننا لو اشتركنا في بحوث الطاقة الشمسية فقد نكون من الدول المصدرة لها وفقاً لرؤية علمية تقول إن المملكة هي إحدى الدول التي يتواجد فيها أعلى تركيز للشمس، وبالتالي سنجني فوائد لا تُحصى بل قد نكون أهم المستفيدين من مثل هذه الاكتشافات ووصولها إلى منجز اقتصادي واجتماعي وعلمي. أعود لقضية ندرة المياه، فالخيار القائم حتى الآن في منطقتنا وخارجها الاعتماد على الطاقة النووية، ورغم ما يقال من كلفتها الصغيرة نسبياً إلا أن مخاطرها في منطقة مضطربة قد يجعلها هدفاً وحتى مع التسليم بجدواها فإن بناء فرق عمل علمية وطنية، والمحافظة على أمن المفاعلات ودفن مخلفاتها، هي مشكلة أخرى أصبحت هاجس دول عظمى.. وطالما موضوع المياه الهم الأكبر أمام توسع المدن والصناعات، وعدم إيجاد طرق غير التحلية، فإن توطين هذه التقنية وإنشاء مصانع وطنية تغنينا عن الاستيراد الخارجي وإيجاد اختصاصيين على درجة عالية، مهمة لا تقل عن تعزيز بحوث الطاقة الشمسية ولعل امكاناتنا الاقتصادية والبشرية، والضرورات التي تفرض ضغطها علينا تجعل البحث عن معوض استراتيجي وفق إمكاناتنا البيئية أمراً ليس ترفياً بل ضروري واستراتيجي كخيار لا يقبل التأخير.. الحديث يجرنا عن البحث في مصادر بيئتنا من معادن وكيفية استغلالها بما فيها الرمال التي أصبحت تتداخل مع الصناعات الحديثة، تفرض أن تتشكل أقسام متخصصة في الجامعات وشركة أرامكو وسابك، وبدعم من كل الهيئات الحكومية، لأن النظرة للمستقبل واحتياجات الأجيال يجب أن تكونا بسلم أولوياتنا طالما ندرك أن اليوم هو المؤسس للغد، والأخير هو الحلم المستمر بأن تكون لنا قاعدة اقتصادية وعلمية توفران احتياجاتنا الضرورية... الاتجاه القائم في التعليم والتركيز على التقنيات الحديثة، ذوات البعد الآخر للمستقبل يجعلنا على يقين أن وجودنا في ساحة البحث العلمي فيما يتعلق باحتياجاتنا الضرورية وتهيئة كفاءات على مستوى عال في نهضتنا القادمة، مهمة ليست عادية أمام سباق عالمي على احتواء الكفاءة البشرية النادرة.. قد يأتي من يقول إنك تريد قطع المسافات الضوئية البعيدة بسنة، غير أن الحقيقة التي تفترض سعينا للطاقة الشمسية والتحول الذي قد يجعلنا من بلد شحيح موارد المياه وكل الاستعمالات الأخرى إلى بلد منتج لها وبطاقة غير ناضبة، نعتقد أنه هدف استراتيجي يجب السعي له بكل ما نملك وما نستطيع..